بتلفها.
لأنا نقول: احترام المال بما هو مال يقتضي تداركه لا عدم اتلافه، فإذا لم يوجب الشارع تداركه وحكم بعدم لزومه كان اسقاطا لاحترامه منه، فمقتضى وجوب الارسال اتلافه، ومقتضى حرمة مال المسلم كحرمة دمه تداركه من دون منافاة بينهما.
والجواب: أن قاعدة الاحترام بعد تسليمها لا تقتضي إلا التدارك عند الاتلاف أو التلف، لا عند وجوب الاتلاف، وسببية الاتلاف للضمان لا شبهة فيها ولا حاجة فيها إلى قاعدة الاحترام، وسببية التلف - مع أنها التزام بالنقض لا دفع له - تندفع بأن إذنه في الانتفاع كما يكفي في صحيح العارية لعدم تداركه عند عروض التلف كذلك في فاسدها، فما هو المخصص لقاعدة الاحترام هناك مخصص لها هنا، مع أن المصنف (رحمه الله) يريد اثبات الضمان قبل التلف والاتلاف لا بسببهما.
منها: أن الأخذ من المعير سبب لوجوب الاتلاف والايجاب سبب تشريعي للاتلاف، فيتحقق وجوب دفع البدل عند تحقق أول مقدمة مؤدية إلى التلف، نظير ما ذكروه في سقوط الأمر بذي المقدمة عند ترك أول مقدمة مؤد إلى ترك سائر المقدمات المؤدي إلى ترك ذي المقدمة.
والجواب: بعد تسليم النظير وتسليم السببية للأخذ بالنسبة إلى الوجوب بالفرق بين المقامين من وجهين:
أحدهما: أن ترك المقدمة الأولى سبب لتروك سائر المقدمات وهي سبب لترك ذيها، وليس الايجاب سببا مؤديا إلى الاتلاف، بل له أن يمسك وله أن يرسل.
وثانيهما: أن الأمر حيث إنه لجعل الداعي، وبعد ترك المقدمة الأولى بسوء اختياره يمتنع تأثير الأمر في انقداح الداعي، فيسقط الأمر لا محالة عند ترك المقدمة الأولى، بخلاف الضمان فإنه على الفرض مسبب عن الاتلاف ولا وجوب لدفع البدل إلا عند تحقق الاتلاف، فعدم تحققه من حين وجود أول مقدمة له بلا مانع، وتحققه بلا موجب عقلي ولا شرعي.