أنه لا يتوقف على التسليط بل على مجرد التمكين، فيظهر خلافه بعد العقد، أو اعتقاد أنه أمين لا بأس بتسليطه على عينه فيظهر خلافه بعد العقد، وحينئذ فالتسليط الخارجي بعد العقد يكون من باب اللابدية من الوفاء، فلا يكون مع هذا الاحتمال كاشفا عن رضاه.
وهذا هو الفارق بين العارية والإجارة، فإن العارية حيث إنها جائزة فلا مانع من استكشاف رضاه عن تسليطه بعد العقد، بخلاف الإجارة فإنها لازمة، ولزومها يمنع عن كشف التسليط بعد العقد عن كون التسليط برضاه لا بسبب وجوب الوفاء وإن كان نادما، نعم حيث إن الغالب عدم تفاوت حال المؤجر قبل العقد وبعده، فلا مانع من استكشاف رضاه بسبب اقدامه على العقد المقتضي للاستيلاء عن رضاه.
- قوله (قدس سره): (والأقوى عدم الضمان، فالقاعدة غير مخصصة... الخ) (1).
لأن اليد مأذونة، واستحقاق التسليم مأخوذ بنحو الداعي - فلا يضر تخلفه - لا بنحو العنوانية، وهذا إنما يصح بعد الكشف عن أصل الإذن والرضا بالاستيلاء على العين، وقد عرفت إمكان استكشافه نوعا، وأما كون الاستحقاق داعيا لا عنوانا فواضح، بل العقد يدعوه إلى التسليط، لا أن صحته والاستحقاق به ملحوظ في تسليمه وتسليطه، وإلا لكان في جميع العقود التي لها مساس بالعين كالعارية والوديعة والمضاربة والوكالة في بيع عين أو شراء شئ بالثمن عنوانا، مع أنه لا يقول به القائل بضمان العين المستأجرة، وإن كان فرق بين الإجارة وغيرها من حيث استكشاف الرضا وعدمه، إلا أن الكلام في تقيده بالاستحقاق بعد استكشافه، وحيث قلنا بعدم الضمان في الصحيح والفاسد فلا نقض، حتى يندفع بتخصص القاعدة تارة وتخصيصها أخرى.