فإن ايجاب الاتلاف الموجب للضمان عند تحققه لا ينافي تحقق الضمان عند تحقق الاتلاف، فلا يقتضي ثبوت الضمان حال ايجاب الاتلاف.
منها: أن ايجاب الارسال يوجب امتناع أداء المال إلى مالكه، والامتناع شرعا كالامتناع، عقلا فعدم التمكن من أداء المال إلى مالكه يقتضي دفع بدل الحيلولة بمجرد الامتناع - لوجوب الارسال - لا بعد الارسال.
والجواب: أن عدم التمكن من أداء المال إلى مالكه لا يوجب دفع بدل الحيلولة إلا مع كون العين في عهدة ذي اليد، فإنه من أحكام العين المضمونة، لا أنه من المضمنات ابتداء، وقد عرفت سابقا (1) أن يد المستعير يد مأذونة من قبل المالك، وإن كانت العارية فاسدة، فإن المنتفي بانتفاء الصحة هو الإذن العقدي، وأما التسليط الخارجي على العين فهو عن الرضا، لا أنه من باب اللابدية كالعقود اللازمة حتى لا يكشف عن الرضا.
منها: أن وجوب ارساله يمنع عن دخول العين بشخصيتها في العهدة لامتناع أدائها شرعا، فأسقط الشارع احترامها من حيث شخصيتها المقتضي لرده إلى مالكه، فاحترامها من حيث ماليتها على حالها، وقد مر سابقا (2) أن قاعدة احترام مال المسلم قاعدة برأسها، وهي مقتضية لتدارك المال بما هو مال، ولعله إليه يؤول ما عن المصنف العلامة (قدس سره) في المتن (3) من أنه يستقر عليه القيمة لا العين، لا أن وجوب الاتلاف بما هو وجوب سبب الضمان يقتضي الضمان حال الوجوب، فإن الاتلاف مضمن لا وجوبه، نعم ايجابه كاشف عن استقرار القيمة قبل التلف والاتلاف، وإن كان بين صدر العبارة وذيلها تناف واضح.
لا يقال: إن ايجاب الشارع لاتلافه كما أنه اسقاط لاحترام العين من حيث شخصيتها كذلك من حيث ماليتها، فإن تلك الحصة من المالية القائمة بالعين الشخصية تتلف