مرة أن الانشاء بما هو خفيف المؤنة، وتحقق حقيقة المنشأ وإن كان منوطا بشئ في أي نظر كان، إلا أن تحقق مفهومه بوجوده الجعلي العرضي ليس كذلك، وأما التسبب بالانشاء إلى حصول الزوجية الاعتبارية أو فكها أو فك الرقية، فكل ذلك بحسب الاعتبار منوط بما يراه المعتبر دخيلا في حصول اعتباره.
غاية الأمر أن بعض المعاني الاعتبارية لا يختلف فيه العرف والشرع كالطلاق والعتق، لتوقفها على الزوجية والرقية، بل الملكية أيضا، فإنه يتوقف تمليك المال من الغير شرعا وعرفا على كونه ملكا، وإن لم يتقوم به مفهومه.
وبعض المعاني الاعتبارية الأخر يختلف فيه الشرع والعرف، كما في الزوجية بالإضافة إلى ما لا مانع منه في نظر العرف، وكذا القضاوة فمن يتسبب إلى ذلك المعنى عرفا يمكنه الجزم، ومن يتسبب إلى ذلك المعنى شرعا فلا.
وأما اعتبار شخص المعتبر فهو وإن لم يكن منوطا بما يناط به شرعا وعرفا، لكنك قد عرفت (1) أن الاعتبار أمر مباشري للمعتبر لا تسبيبي يتسبب إليه بإنشائه، هذا، وقد مر سابقا (2) أن التسبب إلى المعنى بعنوانه جدا غير لازم حتى لا يعقل إلا مع الجزم، إما مطلقا كما قلنا (3) أو أحيانا كما أفيد، بل له الانشاء بداعي احتمال حصول المتسبب إليه، فله إنشاء مفهوم الطلاق بهذا الوجه، فيقع طلاقا حقيقيا إذا كانت المرأة زوجة واقعا، وإلا يقع لغوا.
- قوله (رحمه الله): (وهو مأخوذ من اعتبار القبول وهو الرضا بالإيجاب... الخ) (4).
بل من نفس اعتبار المعاهدة والمعاقدة بحيث لو لزم في العقود إيجابان مرتبطان للزم التطابق أيضا، إذ لو لم يتوارد الانشائان على مورد واحد لما كان متعاهدين ولا متعاقدين، بل لكل منهما عهد غير مربوط بالآخر، والاعتبار بالقصد العهدي