إلا أن المباني لا تخلو عن المحذور كما مر مرارا (1)، إذ الوفاء هو القيام بمقتضى العقد لا ترتيب الأثر، فإن كان العهد متعلقا بفعل من الأفعال كان معنى القيام بمقتضاه إيجاده في الخارج، وإذا كان متعلقا بالنتيجة - أي الالتزام بملكية العين بإزاء كذا - كان معنى الوفاء به إبقائه بعدم نقضه ونكثه، وعليه فليس له نقض الالتزام بملكية شئ على تقدير من دون حالة منتظرة، كما أن البيع هو التمليك التسبيبي بالحمل الشائع، وهو مع التعليق غير حاصل، فلا معنى لتأثيره في الملكية على تقدير.
والتحقيق: في كلا الدليلين ما عرفت سابقا (2) من أنه قبل حصول المعلق عليه لا التزام بالفعل ولا تمليك بالفعل، حتى يلزم تخلف مقتضاهما عنهما.
- قوله (رحمه الله): (والظاهر الفرق بين مثال الطلاق وطرفيه... الخ) (3).
وتوضيحه: أن بعض المعاني في حد ذاته متقوم بمعنى آخر، وبعضها الآخر ليس كذلك، وإن توقف تأثيره عرفا أو شرعا على شئ، فالطلاق من الأول، فإن معناه إزالة عقدة الزوجية، وكالعتق فإن مفهومه فك الرقية، فإنشاء الطلاق بالإضافة إلى غير الزوجة - حتى بنظر المنشئ - غير معقول، وإنشاء العتق بالإضافة إلى غير الرق - حتى بنظر المنشئ - كذلك. وزوجية المرأة المحرمة وقضاوة من لا أهلية له من الثاني، فإن مفهوم الزوجية غير متقوم بعدم الحرمة، ولا مفهوم القضاوة بالأهلية، فإنشائهما بنظر المنشئ معقول، وإن لم يترتب عليهما أثر.
وعليه فالجزم المعتبر حال الإنشاء في مثل الطلاق والعتق لا يعقل حصوله إلا بعد الجزم بالزوجية والرقية، بخلاف مثل إنشاء الزوجية والقضاوة فإن الجزم المعتبر حال الانشاء بنظر المنشئ معقول، حتى مع القطع بالحرمة وعدم الأهلية، فضلا عن الشك فيهما.
ولا يخفى عليك أن ما أفيد وإن كان وجيها على مبناه (قدس سره)، لكنك قد عرفت غير