مانع منه في نفسه إلا أن فيه أن انتزاع الوضع من التكليف غير معقول كما مر بيانه (1) في هذه التعليقة مرارا، مضافا إلى أنه لو كان معقولا في نفسه إلا أن انتزاعه هنا محال، لأن الأمر الانتزاعي يتبع منشأ انتزاعه ثبوتا وعدما قوة وفعلا، لمكان تبعية ما بالعرض لما بالذات، ولا تكليف للصغير فعلا حتى ينتزع منه ضمان فعلا، وفرض خطاب مشروط بالإضافة إلى الصغير اثبات حكم تقديري له، فيكون الأمر الانتزاعي تقديريا أيضا ففعلية الأمر الانتزاعي وتقديرية منشأه محال.
وأما ما أفاده (قدس سره) في رسالة الاستصحاب بقوله (قدس سره) (فإذا خاطب الشارع البالغ العاقل الموسر بقوله " إغرم ما أتلفته في حال صغرك " انتزع من هذا الخطاب معنى يعبر عنه بسببية الاتلاف للضمان، ويقال إنه ضامن بمعنى أنه يجب عليه الغرامة عند اجتماع شرائط التكليف... الخ) (2).
فإن أريد سببية الاتلاف المتقدم لوجوب الغرامة بعد البلوغ - كما هو صريح كلامه (رحمه الله) - فهو انكار للاستقلال والانتزاع معا، ومرجعه إلى أنه لا حقيقة للوضع إلا التكليف، ورجوع مفهوم إلى مفهوم غير معقول، وكون لفظ الملك ولفظ جواز التصرف حاكيين عن مفهوم واحد بديهي البطلان، إذ الملك بجميع معانيها اللغوية من الإحاطة والاحتواء والوجدان والسلطنة مبائن مفهوما لمفهوم جواز التصرف، بل انتزاعية شئ من شئ يقتضي تبائن المفهومين وتصادقهما في الوجود، بأن يكون لأحدهما ما بحذاء في الخارج دون الآخر، بل الأول منشأ لانتزاع الثاني.
وإن أريد أن الأمر الوضعي نفس السببية للتكليف، وهي متحققة حال الاتلاف والاستيلاء ويكشف عنها الخطاب المتأخر.
ففيه: بعد الغض عن أن السببية للضمان غير الضمان، والوضع الذي نتكلم في ثبوته هو الثاني دون الأول، نقول: إن استفادة أمر متقدم من خطاب متأخر لا ربط لها بانتزاع شئ من شئ، فانتزاعية السببية يقتضي منشأ انتزاع موجود، ولا منشأ