غرضه (رحمه الله): خلو الاشتراء عن المطاوعة إلا إذا تأخر عن الايجاب، بخلاف الايجاب المتأخر، فإنه لا يكون مطاوعة عند تأخره عن إنشاء المشتري لملكية مال البائع بإزاء ماله.
بيانه: أن مدلول " اشتريت " إنشاء ملكية مال البائع بإزاء مال المشتري، فإذا وقع عقيب إنشاء البائع لملكية ماله بإزاء مال المشتري كان مطاوعة له قهرا، لأنه إنشاء لما أنشأه البائع، فنقل مال الغير بعد وقوع النقل من الغير كالانفعال بعد الفعل.
بخلاف ما إذا تقدم على الايجاب فإنه لا نقل من الغير حتى يكون واقعا موقع المطاوعة، ولا مدلوله بالمطابقة يكون متضمنا للمطاوعة، بل كما مر (1) إنشاء ملكية مال الغير حتى يكون مطاوعة قصدية بالصيغة، وأما الايجاب المتأخر فلا يكون في مدلوله مطاوعة وهو واضح، ولا يقع موقع المطاوعة لا بالإضافة إلى المبيع ولا بالإضافة إلى الثمن.
أما بالإضافة إلى المبيع فلأن نقل المبيع شأن البائع، فلا معنى لمطاوعته للمشتري، وأما بالإضافة إلى الثمن فلأن الكلام في مدلول الصيغة، ونقل الثمن من المشتري ومن البائع ليس بمدلول الصيغة، حتى يكون الايجاب واقعا موقع المطاوعة عند تأخره، فلا نقل من المشتري بمدلول الصيغة للثمن، كما لا نقل له بمدلولها من البائع، فلا مطاوعة في طرف الثمن أصلا.
وفيه: أن الاشتراء والابتياع - كما مر سابقا (2) - بمفهومهما متضمن لاتخاذ المبدء، فإن كان بعنوان اتخاذ المبدء من الغير فهو مطاوعة قصدية، وإن كان بعنوان اتخاذ المبدأ ابتداء لا من الغير فهو مساوق ل " بعت " و " شريت "، فيكون من إنشاء بيع مال الغير فضولا، لا إنشاء الملكية قبولا، وبهذا المعنى لا يكون قبولا ركنا للعقد تقدم أو تأخر، كما أنه بالمعنى الأول قبول تقدم أو تأخر، ولا تضر هذه المطاوعة لما مر (3) من