منفصل (1) الوجود قهرا، فلا معنى لاتصالهما إلا عدم تخلل زمان بينهما إما حقيقة أو عرفا، وحيث إن المدار على صدق العقد العرفي، فلا محالة لا بد من أن لا يتخلف العقد المعنوي أو العقد اللفظي أحد جزئيه عن الآخر بزمان معتد به عرفا.
وأما البيع والتجارة - بما هما بيع وتجارة - فليس مفهومهما كمفهوم العقد مقتضيا للربط والوصل، حتى يجري فيهما البيان المتقدم، ودعوى عدم الفرق ناشئة عن عدم التنبه لملاك الاستدلال.
والتحقيق: كما مر فيما ذكرناه (2) في أدلة لزوم المعاطاة أن العهد عبارة عن الالتزام القلبي أو الجعل والقرار المعاملي، وأن العقد عبارة عن ربط أحد الالتزامين بالآخر أو ربط أحد القرارين بالآخر، فحيثية العهدية غير حيثية العقدية، وأن حقيقة العقد هو الربط لا الوصل، حتى يؤخذ بمقتضيات الوصل وربط أحد الالتزامين القائم بمحل الالتزام القائم بمحل آخر، بلحاظ ورودهما على أمر واحد وهو كون أحد المالين بإزاء الآخر في الملكية مثلا، فوحدة الملتزم به هو الجامع الرابط بين الالتزامين، وهذا المعنى من الربط لا يقتضي إلا بقاء الالتزام الأول على حاله، حتى يكون بعد ورود الالتزام الثاني مربوطا به، وإلا فحقيقة الربط لا تتحقق بين موجود ومعدوم، وتخلل زمان طويل أو قصير أجنبي عما يقتضيه هذا المعنى من الربط.
وأما ارتباط أحد جزئي العقد بالآخر في مقام السبب ومقام الاثبات فليس من باب ارتباط لفظ بلفظ وكلام بكلام، حتى يكون الارتباط مساوقا للاتصال، ليؤخذ بمقتضاه المتقدم، بل مناط العقدية في هذا المقام بارتباط مدلول أحد الكلامين بالآخر، بأن يكون إيجابا وتسبيبا إلى مبادلة خاصة، والآخر قبولا ومطاوعة لذلك التسبيب لا لأمر آخر، وهذا المعنى من الارتباط بين المدلولين لا يدور مدار عدم تخلل الزمان بين الكلامين المتضمنين للمدلولين.
وغاية ما يمكن أن يقال في تقريب الموالاة بين الايجاب والقبول: هو أن الايجاب