بالتلف، أو بحصول الملك بالمعاطاة بشرط التلف.
فإن قلنا بالأول فلا مجال لاحتمال البيعية بعد التلف، لأن البيع من المعاملات التي هي أفعال تسبيبية، فليس كل سبب للملك من التلف والتصرف بيعا، فإنه كالإرث الموجب للملك، فالملكية المترتبة على السبب الذي يتسبب به إليها ملكية حاصلة بالمعاملة البيعية، لا كل ملكية مترتبة شرعا على أي سبب كان.
وإن قلنا بالثاني فكونه بيعا مما لا ينبغي الريب فيه، غاية الأمر أنه كالصرف والسلف المشروطين بالقبض، فكما أن المعاملة الصرفية مثلا قبل القبض ليست بيعا بالحمل الشايع، حيث إنه التمليك بالحمل الشائع، وقبل الملك لا تمليك، لاتحاد الايجاد والوجود ذاتا واختلافهما اعتبارا، وبعد القبض وحصول الملك يكون بيعا حقيقيا، فكذا المعاطاة بشرط التصرف والتلف.
وحينئذ فإن قلنا بأن التصرف أو التلف شرط متأخر لحصول المعاطاة عند تحققها فهي بيع في علم الله تعالى من الأول، وإن قلنا بأنه شرط متقدم أو مقارن لحصول الملك بها، فهي بيع حال الشرط أو بعده، وعلى الوجهين يبتني ما عن المسالك (1) في خيار الحيوان من كون مبدأ الثلاثة من حين المعاطاة أو من حين التلف.
لا يقال: الاحتمالان في كلامه (رحمه الله) مبنيان على كونه بيعا بعد التلف، فكيف يحتمل الخيار الثابت للبيع قبل صيرورته بيعا.
لأنا نقول: البعدية رتبية لا زمانية لتأخر المشروط عن شرطه رتبة دائما، وإن كان الشرط مقارنا للمشروط أو متأخرا عنه زمانا، ولا بد من حمل البعدية على ذلك، لأن القائل بالملك بعد التصرف والتلف إنما يقول به تحفظا على القواعد، لئلا يكون البيع مثلا في غير الملك، أو لئلا يكون التلف في غير الملك ليثبت الضمان، فلا محالة يجب حصول الملك قبل التصرف والتلف ولو بآن واحد، فلا مجال إلا للبعدية بالرتبة، وعليه يجري الاحتمالان على الوجه الذي ذكرنا.
وحينئذ إن قلنا بالشرط المتأخر فالمعاطاة بيع حقيقي من الأول، يترتب عليها