فإن السبب الفعلي ليس في الاستحكام كالقولي في نظر العرف، فالمعاطاة مبنية على الجواز لولا جعل حق الخيار أيضا، فيشكل الأمر في ثبوت الخيار من هذه الجهة، إلا أنه خلاف ظاهر الأدلة المتكفلة لترتب الخيار على البيع بعنوانه من دون إضافة خصوصية إليه.
- قوله (رحمه الله): (عدا ما اختص دليله بالبيع الواقع... الخ) (1).
قد عرفت (2) أنه قبل التلف وما بحكمه لا بيع بالحمل الشايع شرعا، لأن التمليك والملكية متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار، وبعده بيع حقيقة، فعند تحقق الملكية تكون المعاطاة بيعا صحيحا لازما لولا الخيار فيعمها أحكامه.
- قوله (رحمه الله): (لكن لزوم هذه المعاوضة لا تقتضي حدوث الملك... الخ) (3).
حيث إن التمليك بالعوض هو حقيقة البيع بالحمل الشائع، فلا محالة يبتني كون المعاطاة معاوضة مستقلة جائزة تارة ولازمة أخرى على التعويض من حيث الإباحة، وحينئذ فلزومها لا يقتضي إلا استقرار التعويض من الإباحة وعدم إمكان فسخ السبب المبيح، أو عدم إمكان رد صفة الإباحة، مع أن نفوذ التصرفات المتوقفة على الملك وعدم الضمان عند التلف لا يكفيهما مجرد الإباحة ولزومها، فلا بد من الالتزام بحدوث الملك المساوق للالتزام بكون المعاطاة بيعا لا معاوضة مستقلة.
إلا أن يقال: إن مجرد الالتزام بحدوث الملك لا يقتضي كون المعاطاة بيعا، ولا يأبى عن كونها معاوضة مستقلة مفيدة للملكية، بل إنما تتعين البيعية إذا كانت المعاطاة مفيدة للملكية بشرط التصرف أو التلف، وأما إذا قلنا بحدوث الملك بنفس التصرف أو التلف فلا معنى للبيع، لما مر (4) من أنه تمليك تسبيبي، بل كما أن الإباحة تعبدية، وإن كان قصد المتعاطيين الملكية، كذلك التعاوض من حيث الملك قهري