تصرف فيه بنظرهم، وأنهم لا يحكمون بالضمان عند التلف، بل يحكمون بتعين الباقي للعوضية، فلا فرق بين الفعل والقول عندهم.
وإن كان ذلك من جهة اقتضاء الجمع بين الأدلة لذلك، فيمكن الفرق بين الفعل والقول، فإن الجمع بين الأدلة يتوقف على الدليل على جواز كل تصرف، وهو ثابت في الفعل شرعا دون القول، وذلك لأن الإباحة المعاطاتية إما لأجل الرضا الضمني أو إباحة تعبدية محضة، ولا دليل على الثانية إلا الاجماع، والمتيقن منه هي المعاملة الفعلية.
وأما الأولى فقد مر غير مرة أن التسليط الخارجي حيث إنه صادر عن الرضا، فإثبات يد الغير عليه عن الرضا فله دلالة نوعية على الرضا بكل تصرف كان، بخلاف الانشاء القولي الصادر عن الرضا فإنه يدل على أن التمليك مرضي به ولم يحصل، والتسليط الواقع بعده لا دلالة له نوعا إلا على الالتزام بالمعاملة القولية لا عن الرضا به بخصوصه، وحيث إنه نوعا بعنوان الوفاء بما اعتقد تأثيره، فلذا لا يجدي في استكشاف الرضا بالتصرفات، وهذا هو الفارق بين المعاطاة والعقد الفاسد في إفادة الأولى للإباحة دون الثاني، وعليه فلا رضا ولو ضمنا في المعاملة القولية الفاقدة لما يشك في اعتباره، حتى يكون على طبقه إباحة شرعية، ليكون مقتضى الجمع بين الأدلة حصول الملك عند التصرف أو التلف، هذا كله في حكم المعاملة القولية من حيث إفادة الملك أو الإباحة.
وأما من حيث اللزوم والجواز فنقول: أما على القول بالملك فقد عرفت (1) أن الأصل فيه اللزوم، ولا مخرج كما في المعاملة الفعلية، لأن المخرج إما هو الاجماع على توقف العقود اللازمة على اللفظ، والمتيقن منه مجرد اللفظ، ولا إجماع على اعتبار أزيد منه، وإما هي السيرة على عدم استحكام الفعل على حد استحكام القول، فحينئذ لا وجه لاعتبار أزيد من اللفظ الذي بسببه يكون العهد موثقا مؤكدا، فالأمر في لزوم المعاملة القولية أسهل من المعاملة الفعلية.