أحد الوجوه الثلاثة في المسألة وإن كان تعبيره " قدس سره " في المسألة المتقدمة أحسن، لأن مبناه على مطالبة المسمى بالانفساخ، ولذا عبر عنه بسقوط الأجرة، لا على المطالبة بالعمال خيار التعذر وفسخ العقد، ولذا عبر عن الشق الآخر وهو الاتلاف بعد القبض بقوله " رحمه الله ": لم تبطل الإجارة أي لم تنفسخ كما يعبر كثيرا بالبطلان عن الانفساخ. نعم تعين الانفساخ هنا أظهر من المسألة المتقدمة لأن السرقة إذا كانت منزلة منزلة التلف الموجب للانفساخ كان اتلاف الأجنبي أولى بذلك، لأن التلف في سرقة الأجنبي لعدم رجاء عوده عادة. والاتلاف موجب لامتناع عوده عقلا، لأن المنفعة المحدودة بزمان خاص يستحيل عودها بعد فواتها، لاستحالة إعادة المعدوم، وهذا لا يوجب أن يكون اتلاف المؤجر كذلك، لأن التلف من البائع إذا كان مقصورا على القهري فهذا الاتلاف بالنسبة إلى البائع أو المؤجر اختياري لا قهري، بخلاف سرقة الأجنبي أو إتلافه، فإنهما بالنسبة إلى البائع قهري. وبالجملة إذا عرض المبيع ما يوجب عدم عوده عادة أو امتناع عوده عقلا فهو موجب لانفساخ العقد إذا كان قهرا على البائع.
لا يقال تعين الضمان بالمسمى في رواية عقبة بسبب السرقة لا ينافي التخيير بين ضمان المسمى وضمان الغرامة، لتعذر الثاني بسبب عدم معرفة السارق الموجب لتعذر الرجوع إليه، ومع تعذر أحد فردي التخيير يتعين الفرد الآخر.
لأنا نقول ظاهر الرواية تعينه من حيث نفسه لا من حيث عدم معرفة السارق، ليكون فارقا بين مرود الرواية ومورد اتلاف الأجنبي أو يلحق به الغاصب المعلوم الذي يتعذر استرداد المال منه، وإنما قلنا بأن الظاهر من الرواية هو التعين بالذات لا بالعرض، فإنه قد علق رفع الضمان بالمسمى على اقباض البائع للمتاع، فمع تلفه حقيقة أو تنزيلا لا يرتفع الضمان، لا أنه معلق على عدم وجود من يمكن الرجوع إليه حتى يكون فارقا بين المسألتين. ومما ذكرنا يتضح أنه لا يراد منها تعين الضمان بالمسمى بعد الفسخ بإعمال خيار التعذر فإن الظاهر تعينه منجزا لا معلقا على الفسخ.