أخذ الأجرة، فلا محيص من القول بكفاية داعي الداعي وعدم لزوم الاخلاص طولا، فلا مانع من أخذ الأجرة على العمل القربى النيابي، لا على النيابة بمعنى التنزيل النفساني، ولا على التفريغ التوليدي، مع أنهما لا مالية لهما ولا يقابلان بالمال عرفا، وإنما المبذول بإزائه المال نفس العمل الصلاتي. فتدبر جيدا.
وأما الجهة الثانية من الاشكال: وهي مطالبة الأمر الذي يتقرب به النائب حتى يكون عمله عبادة منسوبة إلى المنوب عنه فقد أجيب عنها بوجوه:
أحدها: ما عن بعض الأعلام " قدس سره " في كتاب القضاء من أن النيابة من الأمور الاعتبارية العقلائية التي لها آثار عند العقلاء، فإذا كانت ممضاة شرعا كان مقتضاها ترتب تلك الآثار عليها، وإلا فلا معنى لامضائها، فكما أن الضمان أمر اعتباري عقلائي وفائدة صيرورة الضامن بمنزلة المضمون عنه وصيرورة ما في ذمة المضمون عنه دينا على الضامن كذلك إذا كان المنوب فيه من العبادات، فإن معنى ترتب فائدة النيابة الاعتبارية عليها شرعا توجه تكليف المنوب عنه إلى النائب، إذ لا معنى للمنزلة إلا ثبوت ما كان للمنوب عنه في حق النائب من الأحكام التكليفية وآثارها، هذا ملخص ما أفيد.
فإن أريد توجه تكليف المنوب عنه إلى النائب حقيقة فهو محال، لأن الإضافات والاعتباريات تشخصها بتشخص أطرافها، فيستحيل خروجها من حد إلى حد مع بقائها على شخصيتها.
وإن أريد انتساب تكليف المنوب عنه بعد التنزيل إلى النائب بالعرض، نظرا إلى أن ذات النائب نزلت منزلة ذات المنوب عنه، فهو هو بالعناية فكذا فعله فعله بالعناية وكذا أمره أمره بالعناية، ففيه أن التكليف العرضي لا يجدي في الانبعاث الحقيقي، مع أنه مضايف للبعث الحقيقي، ولا يختلف المتضايفان في القوة والفعلية والذاتية والعرضية، وقصد الامتثال على الفرض مترتب على الأمر الحقيقي.
وإن أريد أن مقتضى تنزيل الذات منزلة ذات أخرى شرعا جعل تكليف مماثل جدا لتكليف المنوب عنه، فإن تنزيل ذات النائب منزلة ذات المنوب عنه