أما الأول فلأن الملكية لو قيل بها فإنما هي لأجل الاغترام المسبب عن التلف فلا محالة لا بد وأن يكون بعد التلف وإلا يلزم تقدم المعلول على علته وهو محال ففرض تقدم ممليكة الضامن للتالف قبل التلف مع نشوء مليكته عن التلف غير معقول، وأما الثاني فلأن متعلق الملكية وهو المال بسبب التلف صار معدوما عن صفحة الخارج ولا معنى لاعتبار ملكية ما ليس له وجود في الخارج وفرض وجوده قبل أداء الغرامة ثم تعلق الملكية إلى المال الموجود بحسب الفرض وإن كان ممكنا إلا أنه لمكان كونه على خلاف القاعدة يحتاج إلى قيام دليل قوي على الملكية وكان تصويرها متوقفا على فرض المعدوم موجودا وإلا يلزم طرح الدليل الدال على الملكية وهو غير مجوز وفيما نحن فيه ليس دليل على ملكية الضامن أصلا فضلا أن يكون قويا لم يكن رفع اليد عنه ممكنا،، ويؤيد ما ذكرناه من عدم ملكية الضامن للمال التالف الذي يضمنه أن باب الضمان القهري الناشئ عن اليد أو الاتلاف هو كباب الضمان الاختياري يرتضعان من ثدي واحد،، ولا شبهة في أن الضامن بالضمان الاختياري لو ضمن دين أحد لا يصير مالكا لما في ذمة المديون ويبعد الفرق بين الضمان الاختياري والضمان القهري كما لا يخفي.
وكذا في ضمان الأوصاف الغائتة لا يملك الضامن الوصف الفائت قطعا فيكون حال العين الفائتة كالوصف الفائت من غير تفاوت بينهما هذا في التلف الحقيقي،، وأما في التلف الحكمي فليس في ملكية الضامن للتالف بأداء الغرامة محذور في عالم الثبوت إذ لا يحتاج إلى فرض وجود المعدوم كما هو واضح إلا أنه لا يكون عليها دليل في مرحلة الاثبات فالقول بملكية الغارم لما يغرمه للمالك قول بلا دليل وأما ما تأيد به من تحقق الربا فيما ذكر فهو مبني على القول بعدم اختصاص الربا بباب المعاوضات بل ثبوته في باب الغرامات فلا دلالة فيه على