(المقام الثاني) في حكم بذل المال بإزاء المنافع المحرمة الذي يشمل باب الإجارة، (وضابط التحريم) في هذا القسم هو أن يقال أن الإجارة تارة تقع على الأعمال وأخرى على المنافع وضابط صحة الإجارة أمران (أحدهما) كون المنفعة والعمل اللذين يبذل المال بإزائهما ملكا للمؤجر وتحت سلطنته (ثانيهما) كونهما مما يمكن حصوله للمستأجر بحيث يمكن له استيفاؤهما فمع انتفاع الأمرين أو أحدهما تبطل الإجارة (وهذان الأمران) متلازمان في الوجود غالبا بحيث يكون انتفاء أحدهما موجبا لانتفاء الآخر، إلا أنه قد يتفق انفكاكهما كما سنشير إليه انشاء الله تعالى.
(وكيف كان) فالكلام يقع في مقامين (الأول) فيما إذا لم يكن المؤجر مسلطا على المنفعة أو العمل، وذلك بأحد وجهين (أحدهما) أن يكون أحد طرفي المنفعة من الوجود أو العدم خارجا عن تحت قدرة المؤجر تكوينا إما بالالزام على ايجادها المستلزم للعجز عن تركها تكوينا، وإما بالالزام على تركها كذلك (ثانيهما) أن يكون أحد الطرفين خارجا عن تحت القدرة شرعا، (وهذا الثاني) أيضا على قسمين (الأول) أن يكون رفع سلطنته من جهة الزامه على ترك هذه المنفعة وعدم استعمال العين في هذه المنفعة (الثاني) أن يكون من جهة الزامه على فعلها، فإن خروج الشئ عن تحت السلطنة تارة يكون بصيرورة المكلف مقهورا على الترك وأخرى بصيرورته مقهورا على الفعل، فمن الأول أخذ