بقي الكلام في جهتين (الأولى) في بيان ضابط ما يفسد من المعاملات من جهة النهي عنه وما لا يفسد (فنقول) كلما كان النهي عن البيع من جهة عدم المالية في أحد العوضين إما عرفا وإما بسبب تحريم الشارع منافعه أو الانتفاع بخواصه المقومة لماليته فيكون بيعه فاسدا وذلك لكون البيع عبارة عن تبادل المال بالمال المفروض انتفاؤه مع انتفاء المالية في العوضين أو أحدهما (وكلما كان النهي) عن بيعه راجعا إلى مرحلة المسبب المستلزم لمبغوضيته بالمعنى الاسم المصدري فهو أيضا يقتضي الفساد كالربا وبيع آلات اللهو والقمار والصنم والصلبان ونحو ذلك مما تعلق التحريم فيه بالمنشأ بالعقد لا بنفس الانشاء ولا بالايجاب والقبول، ووجه فساده بالنهي هو أن مبغوضية وجود المنشأ عبارة أخرى عن عدم امضاء الشارع لوقوعه بالانشاء ومن البديهي توقف صحة المعاملات على امضاء الشارع لها، ولا معنى لبقاء امضائه للمنشأ مع كونه مبغوضا له (وكلما كان النهي عنه) راجعا إلى ناحية السبب والمعنى المصدري ومرحلة الانشاء بلا نظر إلى تحريم المنشأ فذلك لا يقتضي الفساد، لعدم دلالته على مبغوضية المنشأ ولا على الردع عنه وعدم امضائه وذلك كحرمة البيع وقت النداء وقد أدرج الأستاذ دامت بركاته في هذا القسم، جميع ما ثبت حرمته من جهة صدق إعانة الإثم عليه بدعوى كون حرمته راجعة إلى ناحية السبب دون المسبب لما تقدم من عدم صدق الإعانة إلا إذا قصد التوصل بالبيع إلى الحرام وتحريمه بهذا العنوان لا يستلزم تحريم المنشأ (ولا يخفى عليك) أن ما أفاده دامت إفاداته باطلاقه مشكل، بل الظاهر هو التفصيل بين ما إذا قصد التوصل إلى الحرام بالبيع بالمعنى المصدري أو بالبيع بمعنى الاسم المصدري أو بكليهما فإن البيع بكلا المعنيين يكون من مقدمات الحرام (وبعبارة أخرى) تارة يكون
(٣٢)