التصرفات الصادرة عن الصبي نافذة حتى فيما يصدر عنه في مال الغير بالوكالة عنه يعبر عنه بسلب العبارة عن الصبي، فالمراد بسلب العبارة عنه هو عدم نفوذ تصرفاته بقول مطلق، وليعلم أن الهجر عن الشئ على أقسام (منها) كهجر السفيه عن التصرف في ماله حيث إنه سفيه لا يعلم بمصلحة حاله (ومنها) كهجر المجنون حيث إنه مسلوب العبارة بقول مطلق، والفرق بينهما بعد اشتراكهما في كون الهجر ناشئا عن قصور فيهما أن السفيه مهجور عن ماله بالاستقلال، وأما مع انضمامه إلى وليه فلا منه عنه بل يصح بإذن وليه، بخلاف المجنون. حيث لا عبرة بعبارته مطلقا بالاستقلال ولا بالانضمام، بل تكون عبارته كصوت الحيوان الصامت (ومنها) كهجر الراهن عن التصرف في العين المرهونة (ومنها) كهجر المفلس في ماله بعد حكم الحاكم عليه بالهجر، والفرق بينهما بعد اشتراكهما في كون الهجر ناشئا عن كون المال متعلقا لحق الغير بلا قصور في المالك عن التصرف أصلا، توقف الهجر عن المفلس على حكم الحاكم بخلاف الراهن.
إذا عرفت ذلك فنقول هجر الصبي إنما هو كهجر المجنون لا كهجر السفيه وللراهن والمفلس، أما عدم كونه من قبيل الأخيرين فواضح، حيث إن هجره ليس لأجل تعلق حق الغير بماله بل إنما هو لقصور فيه، وإنما الكلام في أنه هل هو من قبيل هجر السفيه أو هجر المجنون، والتحقيق هو الأخير، وذلك لقوله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منه رشدا فادفعوا إليهم أموالهم. وتوضيح الاستدلال بها يتوقف على بسط في الكلام فنقول ربما يتماسك بالآية المباركة لاثبات كفاية الرشد في صحة التصرفات ولو كان قبل البلوغ بتقريب أن الابتلاء في الآية المباركة جعل مغيى بالبلوغ فيكون زمان الابتلاء من أول ما يشك في رشده إلى زمان البلوغ والحكم في