بقي مطلب آخر وهو أنه قد تقدم في صدر البحث عن بدل الحيلولة أن العين إما تكون تالفا حقيقة أو حكما أو تكون متعذرا موقتا أو يكون متعذرا دائما (والأول) مورد الرجوع إلى المثل أو القيمة (والثاني) مورد الرجوع إلى بدل الحيلولة، بقي البحث عن الثالث وهو التعذر الدائم وهو على أقسام: الأول ما لا يمكن رده إلى المالك مع وجوده عقلا وذلك كالبلل الباقية من ماء الوضوء لو توضأ بماء مغصوب جهلا بالغصب ثم علم بالغصب قبل المسح فإن تلك البلل لا يمكن عودها إلى المالك أصلا ولا اشكال في انتفاء ملكه عنها وإنما الكلام في بقاء حق الاختصاص فلو كان حق الاختصاص من المالك باقيا عليها لا يجوز للمتوضئ أن يمسح بها إلا بإذن المالك ولو لم يكن له حق الاختصاص فيجوز له المسح ولو مع نهي المالك. وربما يقال ببقاء حق الاختصاص والحق عدم ثبوته، وذلك لأن تلك البلل كما تكون قاصرة عن تعلق الملكية بها قاصرة عن تعلق حق الاختصاص بها أيضا إذ لا يفيد للمالك فائدة أصلا كما أنه لا مالية لها أصلا وما لا فائدة فيه بوجه من الوجوه فلا يصح تعلق حق الاختصاص به فيكون حاله كحال سائر المباحات بالأصل كما لا يخفى. القسم الثاني ما كان رده موجبا لتلفه وذلك القطع، فهل الذي خاط به الثوب إذا كان اخراجه من الثوب المخيط به - ولو استلزم تلف الخيط - أولا (وجهان) أقواهما الثاني، وذلك لأن الناس مسلطون على أموالهم باستيفائها ممن يده عليها لا أنهم مسلطون عليها باتلافها وليس الاتلاف.
متعلق سلطنة المالك وحينئذ فيكون الخيط ملكا له على ثوب غاصب الخيط ويقع بينهما الشركة بمقدار قيمة الخيط قهرا.
وتوضيح ذلك أن الشركة القهرية يقع في موردين (أحدهما) ما إذا اختلط شخص مال الآخر بماله بحيث لا يتميز أحدهما عن الآخر مطلقا سواء كان