أن منا من الحنطة مثلا مال في مقابل من من التراب وإن لم يكن مضافا إلى البائع وثابتا في ذمته وهذا بخلاف عمل الحر لعدم اعتبار المالية له قبل العقد أصلا فيكون حاله قبل وقوع المعاوضة عليه كمن من التراب الذي لا مالية له، ولذا لا يضمنه الحابس ولا يصير موجبا للاستطاعة ولا للحجر عليه في المفلس.
(قلت): بعد قيام الضرورة على صحة بيع الكلي وإجارة عمل الحر لا بد من اعتبار البيع والإجارة على وجه ينطبق عليهما (فنقول) القدر الجامع بين بيع العين بالعين وبيع الكلي بالكلي وبيع الكلي بعمل الحر، أن يقال إنه لا يعتبر في البيع إلا انتقال شئ عن شخص إلى آخر وانتقال شئ عن الآخر إليه، وهذا يتحقق في جميع هذه الصور، وليس في اعتبار الزائد عليه دليل، ولا ملزم للقول به، وعدم مساعدة تعريف المصباح بأنه مبادلة مال بمال غير مضر بعد لزوم أخذه بمعنى ينطبق على بيع الكلي، وذلك بعد فرض صحته بداهة، وأما عدم اعتبار المالية في عمل الحر فمدفوع، وما استدل به على عدم اعتبارها فيه من عدم الضمان ونحوه مما ذكر غير دال عليه (أما عدم الضمان) فلامكان أن يكون منشأه عدم صدق الاستيلاء على الحر دون العبد، والاستيلاء على المنافع إنما هو يتبع الاستيلاء على الأعيان (وأما عدم حصول الاستطاعة) بواسطة عمل الحر قبل وقوع الإجارة عليه فهو مشترك بينه وبين منافع الأموال حيث لا يحسب منفعة السنين المتمادية من الدار والبستان مالا فعليا موجبا للاستطاعة ولو كان يحصل بها الاستطاعة على تقدير الإجارة، فمن كان مالك دار تستأجر كل سنة بمأة لا يصير مستطيعا باعتبار كونه مالكا لمنافعها عشر سنين مثلا وإن كان آجرها عشر سنين بألف يصير مستطيعا، وبهذا يظهر الجواب عن مسألة الحجر على المفلس أيضا