الوجه الثالث من الصور الأربع المتقدمة وهو ما كانت المبادلة بين المال و الإباحة بأن يبيح أحدهما ماله بالآخر بإزاء تمليك الآخر ماله إياه فيكون إباحة بإزاء مال ولا يخفى أنه في حد نفسه يكون فاسدا لأن من يخرج عنه المال لا يسلم له شيئا وإباحة مال الآخر لا تصلح لأن تكون عوضا عما ينتقل إليه.
وتوضيحه أن لازم كون المعاوضة بين الإباحة والمال هو كون الصادر عن المبيح هو إباحة تصرف المباح له في ماله وانشاء رخصة في التصرف مع بقاء ماله على ما هو عليه من كونه طرفا للخيط الممدود على رقبة المبيح والمال فالعلقة الملكية بينه وبين المال باقية على ما هي عليها والصادر عن المباح له هو رفع ماله عن طرف خيطه الممدود على رقبته والمال ووضعه على طرف خيط المبيح: وهذا غير معقول من طرف المباح له والمبيح معا،، أما من طرف المباح له فللزوم بقاء خيطه بلا طرف لعدم قابلية إباحة مال المبيح لأن تصبر طرفا لإضافة الملكية وأما من طرف المبيح فللزوم صيرورة مال الآخر طرفا لإضافته وخيطه مع اشتمال خيطه بمال نفسه إذ لم يخرج ماله بإباحته عن كونه طرفا لإضافته وكان ذلك نشأ من كون المبادلة بين الإباحة والمال،، وهذا بخلاف ما لو كانت الإباحة معوضة بمعنى أنه يبيحه بشرط أن يملكه شيئا مجانا أي بشرط الهبة المجانية فإنه لا محذور أصلا إذ الصادر عن المباح له (ح) هو احداث العلقة بين ماله وبين المبيح ويلزمه انتفاء العلقة التي بينهما بانتفاء طرفها ولا يلزم ح بقاء علقته ولا صيرورة ماله طرفا لعلقة المالك مع اشتغال إضافته بمال نفسه.
قوله قده أما إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك فالظاهر أنها لا يجوز (الخ): وذلك لما تقدم في أول المعاطاة من عدم جواز خروج أحد العوضين في البيع عن شخص ودخول الآخر في ملك شخص آخر غير من خرج