وما يتوقف في صحته قصد الامتثال هو الثاني وما يقع بإزائه الأجرة هو الأول، (فظهر) أن أخذ الأجرة لا ينافي قصد العبادية وأن العبادية تتحقق بقصد امتثال الأمر المتعلق بالمنوب عنه، فاندفع الاشكال بكلا شقيه.
وخلاصة ما ذكرناه من الجواب (أما عن الاشكال الأول) فبما عرفت من أن الأجرة تقع بإزاء النيابة لا بإزاء العبادة وظهر المراد من النيابة وأنها ليست عبارة عن التنزيل (والتعبير عنها) في عبارة الشيخ (قده) مسامحة وقعت عن ضيق العبارة لا أن يكون مراده (قده) هو جعل النائب نفسه بمنزلة المنوب عنه حتى يشكل عليه بأن نفس هذا التنزيل ولو لم يترتب عليه العمل ليس متعلق غرض المستأجر، ويوصف ترتب العمل عليه يلزم أن يكون داعيه في العمل المتفرع على التنزيل هو صحة التنزيل الذي يستحق به الأجرة فيتحقق التنافي مع عباديته. بل مراده (قده) من التنزيل هو نفس اتيان العمل عن الغير المتوقف على قصد كونه عنه ويكون الأجرة بإزائه (وإن شئت قلت) إن الأجرة بإزاء العمل بعنوانه الأولي الذي به يكون نيابة لا عبادة والعبادية بإزائه بعنوانه الثانوي الذي لا يكون الأجرة بإزائه (وأما عن الاشكال الثاني) فبما عرفت من أن عبادية هذا العمل هي بنفس شخص الأمر المتوجه إلى المنوب عنه بعد فرض التوسعة في متعلقه بدليل النيابة في مرحلة الاسقاط فيكون النايب منبعثا عن نفس ذاك الأمر بمعنى أن العلم بأمر المنوب عنه محرك للنائب في ايجاد عبادته لا أن أمره متعلق بالنائب.
(ومما ذكرنا ظهر) أن ملاك صحة عبادة الأجير ليس بتصوير الداعي على الداعي بمعنى كون نفس العمل بداعي القربة وكون العمل القربى بداعي الأجرة وذلك لأن الأجرة لا يقع بإزاء العمل القربى أصلا مع أن الداعي على الداعي لا يصحح العبادة، بل هو بأن يكون اشكالا أولى وقد أوضحنا فساده فيما حررناه