بعد الاقرار، ولو كان المفهوم من البيع هو نفس الايجاب الصادر عن البايع لما كان لعدم قبول قوله وجه، (ولا ينتقض) بباب الشرط والنذر (لما تقدم) من أن تعلق النذر والشرط به قرينة على كونه المراد من متعلقهما هو نفس الايجاب ولو لم يتعقبه القبول من جهة عدم تعلقهما إلا بالمقدور وإن تعقبه بالقبول ليس مقدورا للبايع.
الوجه الخامس (وهو المختار) ما تقدم سابقا وحاصله أن البيع عبارة عما يصدر من البايع لكن لا مطلقا ولا مشروطا بالتعقب بالقبول، بل في ظرف تحقق القبول بمعنى أنه إذا تحقق جملة الايجاب والقبول من البايع والمشتري كان الصادر من البايع بيعا والصادر من المشتري شراء (وتوضيحه) أن البيع الاسم المصدري أعني المنشأ بآلة الانشاء له إضافتان إحديهما إلى البايع والأخرى إلى المشتري فالبايع ينشئه بما هو موجود بايجاده وقائم به أعني بإضافته القائمة به والمشتري أيضا يوجده بإضافته القائمة به لا بالبايع وهو يتحقق بمجموع الايجاد من والانشائين كالجسم الثقيل الذي يرتفع برفع الاثنين بحيث يكون رفع كل منهما عند رفع الآخر لا قبله مطلقا لا مقيدا برفع الآخر (وعلى هذا) فيرتفع أساس الاشكال من غير محذور في البين.
فإن قلت فعلى هذا فالذي ينشئه البايع لا يكون بيعا لكون البيع على هذا عبارة عن جزء الجملة الصادر أحد جزئيها من البايع والآخر من المشتري فما لم تتحقق الجملة لا يتصف فعلى البايع بكونه جزء من الجملة، وما لم يتصف بالجزئية لا يكون بيعا مع أنه لا اشكال في أن البايع ينشئ البيع ويقصد ايجاده بآلة الانشاء (قلت) ما ينشئه البايع إنما هو قوة البيع التي تصير بيعا عند تحقق الجملة بصدور القبول من المشتري فهو إنما يوجد بانشائه ما يصير بيعا فعليا بعد تحقق القبول ولا يلزم منه محذور استعمال اللفظ في غير معناه