الأمر في تلك المسببات بين الوجود والعدم لا بين الصحيح والفاسد (وتصوير الصحة الفساد فيها) بما ذكره المصنف (قده) بقوله " نعم يمكن أن يقال أن البيع وشبهه في العرف الخ " الذي حاصله دعوى كون البيع صحيحا عند قوم وفاسدا عند آخرين فيكون الشئ الواحد صحيحا وفاسدا باعتبارين (ضعيف) وذلك لأن معنى البيع حقيقة واحدة لا تختلف باختلاف الأنظار ولا تفاوت فيه بحسب تفاوت الأشخاص بحيث يكون له معنى عرف ومعنى آخر شرعي بل العرف والشرع وجميع الملل يطلقونه على معنى واحد وهو ما قدمناه من تمليك العين بالعوض وإنما الاختلاف بينهم راجع إلى المصداق فالبيع بالفارسي مثلا على تقدير اعتبار العربية عند الشارع ليس مصداقا للبيع عنده بمعنى أنه ليس مصداقا لتلك الحقيقة (التي تكون معنى البيع عند الكل) بحسب نظر الشارع.
وأما بناء على كونها ألفاظا للأسباب فلأنها (ح) للأسباب بما يترتب عليها المسببات، ومن المعلوم أن هذا البيع أيضا غير متصف بالصحة والفساد وليس للشارع اختراع بالنسبة إليه حتى يكون مجال للنزاع المعروف بين القوم في أنها موضوعة للصحيح أو الأعم، وعلى هذا فما أفاده الشهيدان قدس سرهما من كون ألفاظ العقود كالبيع ونحوه حقيقة في الصحيح ومجازا في الفاسد، مشكل.
ويمكن توجيهه، بأن حقيقة البيع لما كانت من الأمور الاعتبارية والأمر الاعتباري متقوم في حقيقته بالاعتبار وليس الاعتبار وليس الاعتبار نافذا من كل أحد بل إنما يتوقف على كونه ممن بيده ذلك والفرد الأجلى ممن ينفذ اعتباره هو الشارع فيكون تحقق البيع منوطا باعتباره بحيث لا تحقق لما لا يعتبره الشارع فكان اعتباره بتلك العناية داخلا في قوامه ويكون متقوما به، وعلى هذا فيتصور