لأنه يقصد بفعله واستعماله ايجاد مادة البيع وقوته التي تبلغ مرتبة الفعلية بعد تحقق الجملة، وهذا جار في جميع التدريجيات فإن اجزاء الصلاة كالحمد والسورة إنما تصير جزء من الصلاة بعد تحقق الجملة، ولمكان تدريجيتها في الوجود يكون لكل واحد منها في موطن تحققه قوة أن يصير جزء من الصلاة فيوجده المصلي بواسطة تلك الشأنية لكي يصير صلاة بعد تحقق الجملة فالموجود من المصلي بالقصد والإرادة ليس هو الجزء الفعلي من الصلاة بل إنما هو يقصد ايجاد ما له امكان الجزئية الذي ينتهي إلى الفعلية بعد تحقق الجملة، وهذا المقدار كاف في صحة إسناد ايجاد الجزء إليه، وهكذا في المقام يكون الصادر عن البايع هو الذي يصير جزء من الجملة وبصيرورته جزء منها يكون بيعا فعليا في مقابل ما إذا أنشأ البيع من دون أن يكون قابل في البين فإنه ليس بيعا شأنيا أيضا بل هو هزل محض كما إذا قرأ الحمد من دون قصد الصلاة فإنها لا تكون جزء بالقوة أيضا، والحاصل أن المنشأ بانشاء البايع عبارة عن قوة البيع التي تصير بيعا فعليا عند تحقق القبول، وهذا هو القابل للايجاد بانشائه وايجاده.
(وبتقرير آخر) إن الأفعال البسيطة الصادرة من الفاعلين على قسمين (أحدهما) ما يكون تمام زمامه وقوام ايجاده بيد شخص واحد كباب الايقاعات (والثاني) ما يتوقف وجوده على فعل الطرفين، وما هو بيد اختيار أحدهما في هذا القسم إنما هو ايجاده الاعدادي كما أن ما بيد الآخر لا يتحقق ما هو تمام المعنى، والبيع وغيره من العقود من هذا القبيل، فإنه ليس معنى حاصلا بالايجاب فقط بل إنما يحصل بالايجاب المتحقق في ضمن المجموع المركب من الايجاب والقبول بحيث إذا تحققت الجملة صار الجزء الصادر منها عن البايع بيعا والصادر