" ورأيتكم فلا تميلوها، ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم، والمانعين الذمار منكم: فان الصابرين على نزول الحقائق، هم الذين يحفون براياتهم ويكتفونها: حفافيها، ووراءها، وأمامها، لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها، فيفردوها " (1).
ولعل الهدف من تلك الأكذوبة التي نسبها الواقدي إلى القيل هو التشكيك فيما هو حق وصدق فيما يرتبط بعلي " عليه السلام "، والتخفيف من حدة النقد الموجه إلى أبي بكر، بسبب ما عرف عنه من إحجام عن خوض الغمرات، والفرار في مواطن الخطر، والتحدي الحقيقي، كما جرى له في أحد وخيبر وغيرهما، مما هو مسطور في كتب الحديث والتاريخ.
الثاني: إن الواضح: أن حمله " عليه السلام " لراية رسول الله " صلى الله عليه وآله "، وقيادته للعسكر لمما يزيد في رعب اليهود، ويهزمهم نفسيا. كيف لا.. وقد كانت أخبار مواقفه وبطولاته في بدر - وكذا في أحد، لو صح كون غزوة بني النضير بعدها، وقد استبعدناه - قد أرهبت وأرعبت القاصي والداني، من أعداء الله وأعداء رسوله ودينه.
فهو قد قتل نصف قتلى المشركين، وشارك في قتل النصف الثاني في حرب بدر، وفي أحد - لو كانت القضية بعدها - كان الفتح وحفظ الإسلام على يديه، وقد آثرت قريش الفرار على البقاء والقرار، حينما علمت أنه " عليه السلام " يلاحقها في غزوة حمراء الأسد، رغم ما كانت تشعر به زهو وخيلاء بالنسبة للنتائج التي تمخضت عنها حرب أحد.