قادرين على اتخاذ قرار الحرب، وهم يرون أنها سوف تحرق الأخضر واليابس: فكيف يمكن فهم غدرهم بعهودهم، ونقضهم لمواثيقهم، ثم سعيهم لإثارة الحروب مع الآخرين، ثم تحالفهم مع المشركين والمنافقين لحرب المسلمين؟! أليس الأنسب بطريقتهم في التفكير، والأخرى والأجدر بهم، في ظل ما ديتهم، وعدم إيمان الكثيرين منهم بالآخرة، أن يعيشوا بسلام مع المسلمين، ومع غيرهم، وأن يبتعدوا فأنفسهم عن كل ما يثير، ويوجب تأزما في العلاقات، مع أي طرف كان؟!
والجوا:
إن ذلك صحيح في حد نفسه لولا أن اليهود كانوا واقعين تحت تأثير التصورات والأمور التالية:
1 - إنهم يرون: أن الخطر الذي يتهددهم من جهة المسلمين، أعظم وأشد، وهو حتمي بالنسبة إليهم.. أما الخطر الآتي من قبل نكث العهود، وما ينشأ عنه من حروب، ومشاكل، فليس - بنظرهم بهذه الدرجة من الحتمية، ولا هو بهذا المستوى من الخطورة، فقد كانت الحرب نفسها تخضع لاحتمالات إيجابية بالنسبة إليهم.
سواء على مستوى القرار لديهم، لاحتمال مساعدة المشركين والمنافقين لهم. أو على مستوى القرار لدى الفريق الآخر، وهم المسلمون - ولا سيما بملاحظة وجود المنافقين فيهم - حيث يرون أن الوضع العام للمسلمين لا يسمح لهم باتخاذ قرار الحرب، الأمر الذي يجعل ارتكاب أخطار الحرب أهون عليهم، وأقرب إلى احتمالات السلامة لهم.
أو على مستوى النتائج، والآثار، بالنسبة لكلا الفريقين على حد سواء.
2 - إن المسلمين، وإن كانوا قد أثبتوا - ولا سيما في حرب بدر -