ونستفيد من هذه الآية الأمور التالية:
الأول: إنه سبحانه قد علل إعطاء الفئ للفقراء اليتامى، والمساكين، وابن السبيل بأن لا يكون المال محصورا بين الأغنياء، يتداولونه فيما بينهم. وهذا يعطي: أن الإسلام يريد أن يمكن الجميع من الحصول على المال، ولا يكون حكرا على جماعة دون غيرها.. أي أنه يريد للمال أن يترك، وأن ترتفع الموانع والحواجز من طريقة وينطلق من خلال الالتزام بالحكم الإلهي، والوقوف عند الحدود الشرعية، للتتداوله جميع الأيدي فلا بغي من أحد على أحد، ولا استئثار بشئ دون الآخرين وإنما الإيثار على النفس، ولو مع شدة الحاجة خ والخصاصة.
كما أنه يريد للفقير: أن يحصل على المال بصورة مشروعة، ومن دون منة من أحد عليه، ما دام ان المال قد أعطاه الله إياه، وليس لأحد من الخلق فيه أي دور.
الثاني: إن الإسلام حين قبل بالملكية الفردية، وجعل القرانين والنظم لحمايتها، وقبل أيضا بملكية الدولة والجهة، وأعطى المجال لطموحات الإنسان، وقدراته الخلاقة للتعبير عن نفسها، وتأكيد وجودها، فإنه قد قرر إلى جانب ذلك قاعدته، وأعطى ضابطته التي لا مجال لتخطيها في شأن المال بقوله: " كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم "، فإنه وذلك لأن الإسلام، وإن كان قد قبل بالملكية الفردية، إلا أنه قد حدد مصادر الحصول عليها في جهات معينة، لا يجوز تعديها، إلى غيرها..
كما أنه قد وضع من الأحكام والضوابط في مختلف شؤون الحياة وجهاتها، ما يمنع من تكدس المال بصورة فاحشة لدى افراد بخصوصهم.