وقد بين الله سبحانه هذا الأصل الأصيل بعبارة واضحة وموجزة حينما قال:
" لا يكون دولة بين الأغنياء ".
ثم هو قد حرم وأدان، وعاقب عل كل عمل من شأنه أن يهدم هذا الأصل، ويضر في مسيرة تحقيقه، أي ما يوجب صيرورة المال " دولة بين الأغنياء "، فحرم الربا، ومنع من الاحتكار، ومن أكل المال بالباطل، ووالخ.
وبما تقدم يتضح أيضا: البون الشاسع فيما بين المذاهب الاقتصادية الأخرى، - كالاشتراكية - وبين نظام الإسلام الاقتصادي، كما هو ظاهر لا يخفى.
الثالث: إن ما أفاءه الله على رسوله، ليس لأحد أن يدعي أن له فيه أدنى أثر أو أي دور في تحصيله. فإن المسلمين لم يوجفوا عليه بخيل ولا ركاب، وإنما عاد إلى رسول الله بسبب تسليط الله رسله على من يشاء، كاليهود الناقضين للعهود والمواثيق.
ومعنى ذلك هو أنه ليس لأحد الحق في أن يدعي: أنه قد تنازل للنبي " صلى الله عليه وآله " عن شئ هو له، أو ساهم فيه، وجاء الحكم الإلهي ليأخذه منه، ويعطيه للنبي لمصلحة كامنة في ذلك، كما ربما يتوهم في الزكاة والخمس، وذلك لأن الله قد صرح بأن تسليط الله سبحانه للرسول على أولئك الناس قد كان سببا في حصول ما يسمى بالفئ، فالفئ إذن هو نتيجة عمل إلهي، وتصرف رباني في واقع سلطة الرسول وبسطها على أولئك المعاندين..
وأما مناشئ هذه السلطة، ومقوماتها، فيجب أن لا تكون منحصرة في العدة والعدد والحشود لدى المسلمين، فان ذلك يتحقق بتأييدات إلهية