فإننا لا نعرف ما هو المبرر لذلك كله؟ وكيف جاز لجبرئيل أن يروع النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وان يؤذيه بالعصر والخنق، إلى حد أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يظن أنه الموت، يفعل به ذلك، وهو يراه عاجزا عن القيام بما يأمره به ولا يرحمه، ولا يلين له!!
ولماذا يفعل به ذلك ثلاث مرات، لا أكثر ولا أقل؟!.
ولماذا صدقه في الثالثة، ولا يصدقه في المرة الأولى؟ أو الثانية؟!
وإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد كذب عليه أولا، فكيف بقي أهلا للنبوة؟! وإذا كان قد صدقه فلماذا لم يقتنع جبرئيل بكلامه، وعاد فخنقه حتى ليظن أنه الموت؟!.
وأيضا، هل جاء جبرئيل إليه بكتاب ليقرأه، إذ أن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما أنا بقارئ) إنما يصح لو كان (صلى الله عليه وآله وسلم) قد فهم أن جبرئيل يأمره بالقراءة نفسها - لا بتعلم القراءة - كما ذكره السندي (1).
وإذا كان المراد: القراءة بمعنى التلاوة، فلماذا يطلب منه جبرائيل ذلك، قبل أن يتلو عليه شيئا؟. ثم لماذا يعاند هو ويرفض ذلك؟!
وبعد هذا كله، لماذا يستسلم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لجبرائيل ليعذبه على هذا النحو الذي لا مبرر له؟
ثم لماذا يرجع مرعوبا خائفا؟! ألم يكن باستطاعته أن يلطمه لطمة يقلع بها عينه؟ كما فعل موسى بملك الموت من قبل؟! حيث إنه لما جاء ليقبض روحه، لطمه على عينه فقلعها، كما نص عليه البخاري، وكثير من المصادر الأخرى (2)!!