ووجدك ضالا فهدي:
وبعد ما تقدم نقول: إن قوله تعالى: ﴿ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان﴾ (١) وقوله سبحانه: ﴿ووجدك ضالا فهدى﴾ (٢) لا يدل على وجود ضلالة فعلية ولا على وجود جهل فعلي قبل النبوة.
بل غاية ما يدل عليه هو أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لولا هداية الله له لكان ضالا ولولا تعليم الله له لكان جاهلا. أي لو أن الله أو كله إلى نفسه، فإنه بما له من قدرات ذاتية وبغض النظر عن الألطاف الإلهية، والعنايات الربانية ضال قطعا، وجاهل بلا ريب. فهو من قبيل قولك: ما أنا في نفسي بفوق أن أخطئ لولا لطف الله وعصمته وتوفيقه، لكن بعد أن كان لطف الله حاصلا من أول الأمر فإن العصمة تكون حاصلة بالضرورة من أول الأمر أيضا.
أولوا العزم:
وبعد، فقد نجد في قوله تعالى حكاية عن آدم (عليه السلام): ﴿لم نجد له عزما﴾ (٣). وقوله: ﴿فاصبر. كما صبر أولوا العزم من الرسل﴾ (4).
وغير ذلك من شواهد ودلائل ما يشجعنا على القول: بأن المراد من إطلاق هذه الصفة على بعض الأنبياء هو التأكيد على رسوخ وعمق درجة