ولكن قد فات هؤلاء: أن كل ما تقدم يكذب هذا الذي ذكروه هنا.
أضف إلى ذلك: أن عمر أسماء كان حين البعثة أربع سنين على أبعد التقادير. أما عمر عائشة فنحن نقول: إنها أيضا كان عمرها قريبا من هذا (1). ولكن نفس أولئك يقولون: إنها قد ولدت بعد البعثة بخمس سنين (2)، فكيف تكونان قد أسلمتا بعد ثمانية عشر انسانا؟ مع أن الفترة السرية أو فقل الدعوة الاختيارية، وعدم الاعلان، قد انتهت باسلام أربعين؟! وأما جلساؤه وأهل بيته فقد تكلمنا عنهم، ولم يبق الا ولده محمد، وهو إنما ولد بعد مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بثلاث وعشرين سنة، أي قبل وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) بقليل.
سر التأكيد على دور أبي بكر:
وأما سر التأكيد على دور أبي بكر فقد أوضحه لنا الجاحظ، حين قال: (ولذلك قالوا: إن من أسلم بدعاء أبي بكر أكثر ممن أسلموا بالسيف. ولم يذهبوا في ذلك إلى العدد، بل عنوا الكثرة في القدر، لأنه أسلم على يديه خمسة من أهل الشورى، كلهم يصلح للخلافة، وهم اكفاء علي (عليه السلام) ومنازعوه في الرياسة والإمامة، فهؤلاء أكثر من جميع الناس (3)).
نعم يا جاحظ: لقد تجاوز أبو بكر كل التوقعات، حتى لقد بز النبي نفسه، ولم يستطع وهو الرسول الأعظم أن يجاريه في تلك الفضائل