الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٥٥
وأخيرا، فلربما يقال: إن إعجاز القرآن هو في عدم وجود الاختلاف فيه، ولذلك ترى أنه قد تحداهم بذلك فقال: ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ (1).
وثمة إشارات أخرى لجزئيات ربما يدخل أكثرها فما قدمناه...
ولعل فيما ذكرناه كفاية.
وثمة قول آخر، أكثر شيوعا ومعروفيه ولا سيما بين القدماء. وهو إعجاز القرآن في الفصاحة والبلاغة. وقد كتبوا في هذا الموضوع الشئ الكثير قديما وحديثا.
اما نحن فنقول: إن هذا الأخير هو السر الأعظم في اعجاز القرآن الكريم حقا. وهو يستبطن سائر الجوانب الاعجازية المذكورة آنفا وغيرها مما لم نذكره (2).
لماذا الأخير فقط:
وأما لماذا هذا الأخير فقط دون سواه فإن ذلك واضح، حيث إننا نقصد ب‍ (البلاغة) معنى أوسع مما يقصده علماء المعاني والبيان، وهذا المعنى يستبطن جميع وجوه الاعجاز وينطبق عليها، وبيان ذلك يحتاج إلى شئ من البسط في البيان فنقول:
إنه إذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أرسل للناس

(١) النساء: ٨١.
(٢) حيث يجد كل فريق في هذا القرآن ما يناسب فكره وعقليته ويراه معجزا حقا، فالاخبارات الغيبية والنظام الكامل الذي أتى به وغير ذلك من أمور لا تخفى مما يمكن لأهل كل لغة أن يدركوها هي من مصاديق البلاغة لهم. وحتى الفصاحة والبلاغة فإن بالامكان لغير العربي أن يدركها أيضا بتعلم اللغة العربية ومعرفة سر القرآن أو الاعتماد على النقل القطعي ممن قد اطلع على بعض جوانب إعجاز القرآن.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست