العربي: أن نبيا سوف يخرج من منطقته، مما سهل عليه قبول دعوته (صلى الله عليه وآله وسلم)، والاذعان للحق الذي جاء به، لان الناس - باستثناء أصحاب المطامح والأهواء، والطواغيت منهم - لصفاء وسلامة طباعهم، وكونهم أقرب إلى الفطرة، وعدم تلوث فكرهم بالشبهات والفلسفات المعقدة كانوا يتقبلون الحق، ويذعنون له. وقبليتهم وعاداتهم إنما كانت تمنع فقط من انقياد بعضهم لبعض، بسبب غلظتهم، وانفتهم، وبعد هممهم. ولكن لم يكن ذلك يمنعهم من قبول الحق، والاذعان لإرادة السماء (1).
6 - الفراغ العقائدي والسياسي:
أ: الفراغ العقائدي:
لقد كان العرب يعانون من فراغ عقائدي هائل، عبر عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله المتقدم: (بعثه، والناس ضلال في حيرة، وحاطبون في فتنة، حيارى في زلزال من الامر، وبلاء من الجهل).
ويكفي أن نذكر: انهم حتى عبادتهم للأصنام قد كانت ملونة باللون القبلي، فلكل قبيلة بل لكل بيت وثن، وطريقة.
وكثيرا ما كانت دوافعهم إلى عبادة تلك الأصنام عاطفية، بعيدة عن أساليب التبرير العقلي، والمنطقي، فارتباط العربي بهذا الصنم إنما هو لان هذا الصنم مرتبط بتاريخ أبيه أو جده. فالعربي يعتز بنسبه بحسب طبعه، وبما ينسب إليه، قال تعالى حكاية لذلك عنهم: (بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة، وانا على آثارهم مهتدون (2)).