هذا الامر، ويريده منهم.
3 - الحالة الاجتماعية:
ويأتي بعد ذلك كله دور الحالة الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك، حيث كان الناس يعيشون حياة الشقاء والبلاء، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، كما دلت عليه كلمات الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) المتقدمة، في أوائل هذا الجزء عن الحالة الاجتماعية عند العرب - وهي لا تختلف كثيرا عما عند غيرهم - ونضيف إلى ذلك هنا ما قاله جعفر (رحمه الله) لملك الحبشة، حينما ذهب عمرو بن العاص ليخدعه عنهم:
(كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف) (1).
فهذه الحالة الاجتماعية القاسية التي كانت تهيمن على الأمة، وذلك الضياع الذي يسيطر عليها قد هيأ الانسان الجاهلي نفسيا، لقبول الحق، والتفاعل معه، وجعله يتطلع للدعوة التي يجد فيها الحق والخير، ويعرف: أنها تستطيع أن تخفف من شقائه وآلامه، وتنقذه من واقعه المزري والمهين ذاك. وقد عبر جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) عن ذلك، لملك الحبشة، بعد عبارته المتقدمة، فقال:
(فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته، وعفافه فدعانا إلى الله، لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه، من الحجارة والأوثان. وأمرنا بصدق الحديث، وأداء