هذا إن لم نقل: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي اشترى بلالا، وأعتقه، ولم يملكه أبو بكر أصلا (1).
وثالثا: إن راوي هذه الرواية، وهو أبو موسى، لم يكن قد ولد أصلا، لأنه إنما ولد قبل البعثة بثمان أو بعشر سنين، على ما يقولون، كما أنه إنما قدم إلى المدينة في سنة سبع من الهجرة، سنة خيبر. وهذه القضية قد كانت قبل البعثة بحوالي ثلاثين عاما.
ورابعا: سيأتي عن مغلطاي والدمياطي: أن أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلا. ولعل لأجل بعض ما تقدم أو كله حكم الترمذي على هذا الحديث بالغرابة، وشك فيه ابن كثير أيضا. فراجع.
وبعد كل ما تقدم فقد حكم الذهبي على هذا الحديث بقوله: (أظنه موضوعا بعضه باطل) (2).
سر الوضع والاختلاق:
واما سر وضع تلك الرواية فهو إثبات: أن إيمان أبي بكر بنبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد كان قبل البعثة، ليسبق الناس كلهم، حتى عليا عليه الصلاة والسلام وخديجة، وحتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه في ذلك.
قال النووي: (كان أبو بكر أسبق الناس إسلاما، أسلم وهو ابن عشرين سنة، وقيل: خمس عشرة سنة (3)).