ويقحمون فيه ما ليس منه. وكانت هذه المعالم تضعف رويدا رويدا، مع الزمن، حتى لم يبق منها إلا الأسماء، والرسوم الشوهاء.
وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) ما مفاده: إن العرب كانوا أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس، فان العرب يغتسلون من الجنابة، والاغتسال من خالص شرايع الحنيفية. وهم أيضا يختتنون، وهو من سنن الأنبياء، كما أنهم يغسلون موتاهم، ويكفنونهم، ويوارونهم في القبور، ويلحدونهم، ويحرمون نكاح البنات والأخوات، وكانوا يحجون إلى البيت ويعظمونه، ويقولون: بيت ربنا، ويقرون بالتوراة والإنجيل، ويسألون أهل الكتب، ويأخذون منهم. وكانت العرب في كل الأسباب أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس (1).
إذن، فقد كان ثمة ذكريات بعيدة في ضمير ووجدان الانسان العربي، تربطه بالحنيفية السهلة السمحاء، دين آبائه وأجداده - وهو الذي يعتز بالانساب وصفائها، بحكم ما يتعرض له من الغزو والسبي الموجب للتهمة أحيانا - وإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد بعث ليتمها، فمن الطبيعي أن يكون لهذه الذكريات أثر في نظرة كثير من الناس إليه، وإلى ما جاء به بايجابية وواقعية.
9 - الخصائص والعادات العربية:
ولقد كان لبعض الخصائص، والأخلاق، والعادات العربية، اثر كبير في نشر دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، التي هي دعوة الحق والخير وشمولها. وإن كان الاسلام الذي استفاد من تلك الخصائص والعادات والأخلاق، قد حاول إلى جانب ذلك تركيزها من حيث المنطلقات والأهداف على أسس صحيحة ومقبولة. وأما إن كانت مرفوضة