كافيا لادراك حقانية الدعوة، وسلامة أفكارها. وكانت الآيات انما تحاول إرجاعهم إلى الفطرة وتدعوهم إلى التفكير، والتعقل.
ولكن بعد أن دخلت الفلسفات والأفكار الغريبة، والشبهات المغرضة، إلى فكر وعقل هذا الانسان، وحجبت فطرته، وأربكت تفكيره وأرهقت عقله، صار الناس يحتاجون أكثر فأكثر إلى الأدلة، ويتطلبونها من الأئمة، بحسب نسبة تلوث فطرتهم بالشبهات والأفكار الغريبة.
7 - الحياة الصعبة، والتضحية بالنفس:
وكانت بدائية العرب، وحياتهم الصعبة، التي يعانون منها، قد جعلتهم أكثر اقداما على التضحية في سبيل الدعوة التي يؤمنون بها عن قناعة وجدانية راسخة، ويتفاعلون معها تفاعلا روحيا خالصا.
وذلك لانهم لم ينعموا بحياة النعيم والرفاهية، التي لا تعب فيها ولا نصب، ولا آلام، ليصبح لهم تعلق شديد بالحياة، وحب، بل وعشق لها، فان من الملاحظ: أنه كلما كانت الحياة رخية ناعمة مرفهة، كلما ازداد تعلق الانسان بها، وحبه لها. وكلما كان العكس، سهل عليه تركها، والتخلي عنها.
كما أن الدعوة التي سوف يتعرض أفرادها لمختلف أنواع الضغوط النفسية، والاقتصادية، والاجتماعية وأقساها، بحاجة ماسة إلى جماعة قادرين على مواجهة تلك الضغوط، وتحمل تلك الآلام، والصبر على التعذيب، والجوع والاضطهاد، بمختلف أنواعه.
وقد كان العرب - عموما - كذلك، لانهم قد عانوا من مشاق الحياة والطبيعة ما عانوا. وأصبحت الآلام والمتاعب والمصاعب هي الصفة المميزة لحياتهم بل هي خبزهم اليومي وغير ذلك هو الاستثناء. فهم أقدر من غيرهم على تحمل ما ينتظر أتباع هذه الدعوة، لان المنعمين لا