عرفوها - هي: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، أو للاعتبار المناسب.
والقرآن مطابق لمقتضى الحال دائما وفي كل زمان، والى الأبد ومع كل شخص، لأنه خطاب لهم جميعا، ومعجز له جميعا، فحين يخبر عن الغيب، فإنما اقتضى الحال ذلك. وكذلك حين يكشف عن أسرار الكون، وخفايا الطبيعة، ويشير إلى بعض الحقائق العلمية، وكذلك أيضا حين يضع أعظم تشريع، وأروع نظام عرفته الانسانية، إلى غير ذلك مما تقدم ذكره وما لم نذكره.
بل أن تكون ظروف نشأة الرسول الأعظم هي تلك، فإن ذلك له أهمية كبرى في قبول الدعوة، والاذعان لها. وكذلك فان الكلام الذي يختلف صدره وذيله، أو يختلف من وقت لاخر. مع كون الهدف واحدا، والمخاطب والمتكلم واحدا. لا يمكن أن يكون بليغا، ولا مطابقا لمقتضى الحال، كما يقولون.
الاعجاز بالبلاغة كيف؟ ولماذا؟!
وأما كيف عجزت الإنس والجن، عن مجاراة هذا القرآن. وكيف أمكن اعتبار البلاغة القرآنية هي سر الاعجاز فيه، فان ذلك يحتاج إلى توسع في القول، وبسط في البيان، فنقول:
إن لدلالة الكلام على المعنى في مقام التفهم والتفهيم شروطا:
منها: أن يكون اللفظ الذي يلقيه المتكلم قادرا على تحمل المعنى المطلوب، بأي نحو من أنحاء التحمل، سواء من حيث مفردات الجملة، أو من حيث نوعية تركيبها، أو من جهة المقايسة بينها وبين غيرها.
ومنها: أن يكون المستوى الفكري والثقافي للمتكلم بحيث يستطيع أن يقصد تلك المعاني التي يقدر اللفظ على تحملها.
ومنها: أن يكون ذلك المعنى منسجما أيضا مع نوعية اختصاص