ومن الجهة الأخرى، فإن القبيلة تتحمل كل جناية أو جريمة يرتكبها أحد أبنائها، وتحميه من كل من أراده بسوء. بل يكون أخذ الثأر من غير الجاني إذا كان من قبيلته كافيا وشافيا للمتورين، الذين يريدون شفاء ما في نفوسهم، وإدراك أوتارهم.
الحضر في شبه جزيرة العرب:
أما الحضر في جزيرة العرب، وهم الذين يسكنون المدن، ويستقرون فيها، فإنهم وإن كانوا في حياتهم أرقي من العرب الرحل، إلا أن رقيهم هذا لم يكن بحيث يجعل الفارق بينهما كبيرا.
ومن هنا، فإننا نلاحظ تشابها كبيرا فيما بينهما في العقلية، وفي المفاهيم، وفي العادات والتقاليد، وأساليب الحياة، وبدائيتها. هذا إن لم نقل: إن العرب الرحل كانوا أصح أبدانا، وأفصح لسانا، وأقوى جنانا، وأصفى نفسا، وفكرا وقريحة.
ولكن امتياز هؤلاء وأولئك في بعض الأمور لم يكن إلى الحد الذي يحتم على الباحث فصل الحديث عنهما، ولا سيما بالنسبة إلى أولئك الحضريين الذي يسكنون الحجاز.
والخلاصة: إننا إذا كنا لم نجد في تاريخ ما قبل الاسلام ما يبرر نسبة التفوق إلى أحد الطرفين على الاخر، كما يتضح من كلمات أمير المؤمنين الآتية وغيرها، فليس في فصل الحديث عنهما كبير فائدة، ولا جليل أثر.
الحالة الاجتماعية عند العرب:
وإن من يطالع كتب التاريخ سيرى بوضوح إلى أي حد كانت الحالة الاجتماعية متردية في العصر الجاهلي. وقد قدمنا: ان السلب والنهب والإغارة، والتعصب القبلي، وغير ذلك قد كان من مميزات الانسان