الناس. وهي صريحة في أن الناس كانوا يجدون في الرسول علامات النبوة ونور الهداية. ويتوقعون أن يكون هو الذي بشر به عيسى وموسى (عليهما السلام)، وأنه كان لا يوزن به أحد إلا رجح به، ولا يقاس به رجل الأعظم عنه.
ثم إن كلمات أبي طالب تدل دلالة واضحة على ما كان يتمتع به بنو هاشم، من شرف وسؤدد، حتى ليقول (رحمه الله) وجعلنا الحكام على الناس.
وتدل أيضا على أن العرب كانت تعتبر الحرم موضع أمن للقاصي والداني، وقد تقدم ما يدل على ذلك أيضا.
ثم إن حديثه عن فقر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واعطاء الضابطة للتفضيل بين الرجال، يدل على واقعية أبي طالب، وأنه ينظر إلى الانسان بمنظار سام ونبيل، كما أنه يتعامل مع الواقع بحنكة ووعي وأناة.
وبعد، فإن كلماته تلك تدل أيضا على أن قريشا كانت تعتبر انتسابها إلى إبراهيم وإسماعيل، وسدانتها للبيت، كل شئ بالنسبة لها، وقد أشرنا إلى هذا الامر في الفصل الأول.
ولتراجع خطبة أبي طالب (رحمه الله) حين موته، والتي يخاطب بها قريشا، فإنها خطبة جليلة، لا تبتعد عن هذه الخطبة في مراميها وأهدافها.
ودين شائع:
ويتسأل بعض المحققين هنا: أنه كيف يمكن الجمع بين قوله:
(ودين شائع)، وبين قوله تعالى: (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان (1)). وقوله: (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب (2)).