الرسول، والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه (1)، لانهم يردون المتشابه إلى المحكم الذي يبين أهداف ومرامي الله تعالى، ويوجه التعبير في المتشابهات ليفيد المعنى المقصود، ويبين بعض ما خفي من وجوهه وخصوصياته.
لا بد من وجود المتشابه في القرآن:
وينقل الرزاي: أن من الملاحدة من طعن في القرآن لاشتماله على المتشابه، إذ كيف يكون مرجعا للناس في كل عصر، مع وفرة دواعي الاختلاف فيه، حيث يجد كل صاحب مذهب فيه مأربه، فان هذا لا يصدر عن الحكيم (2).
ولعل ما ذكرناه فيما تقدم يكفي في الإجابة عن هذه الترهات. ونزيد هنا ما ذكره العلامة الطباطبائي، فإنه قال ما حاصله:
إنه كان لا محيص عن وقوع التشابه في القرآن، لأنه كان يجري في تعابيره الرقيقة مع أساليب القوم، مع سمو معناه، وعمق مغزاه، في مقابل انحطاطهم في المستوى الفكري والثقافي.
وقد جاء القرآن بمفاهيم جديدة، كانت غريبة عن نوعية أفكار ومفاهيم المجتمع البشري آنذاك، ولا سيما في جزيرة العرب، البعيدة عن الثقافة والمعرفة، في حين التزامه في التعبير عن تلك المقاصد العالية بنفس الأساليب التي كانت معروفة في ذلك العهد، الامر الذي ضاق بتلك الألفاظ التي كانت موضوعة للتعبير عن معان محسوسة، أو قريبة من الحس، ومحدودة في نطاق ضيق، تتناسب مع ذهنية العربي وثقافته والتعبير عن معان مبتذلة - لقد ضاق الامر بتلك الألفاظ - عن أن تحيط بتلك