المحكم والمتشابه:
هذا وقد أشير إلى وجود المحكم والمتشابه في القرآن في قوله تعالى: ﴿منه آيات محكمات، هن أم الكتاب، وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ، فيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله﴾ (١).
هذا، مع العلم بأن الله تعالى لا يريد أن ينزل لعباده كتابا فيه الألغاز والأحاجي، بل هو كما قال تعالى: ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته، وليتذكر أولو الألباب﴾ (٢). وقال: ﴿أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون﴾ (3).
إذن، فلا بد أن يراد بالمتشابه معنى ينسجم مع واقع القرآن وأهدافه، ولعل التأمل فيما قدمناه يسهل علينا فهم المراد منه، ولأجل إيضاح ذلك نقول:
إن المتشابه هو الكلام الذي لا ينبئ ظاهره عن المراد، بل يحتمل من لم يكن راسخا في العلم فيه وجوها من المعاني، التي لا يكون بعضها منسجما مع أهداف ومبادئ المتكلم، ولكن لو دقق في اللفظ وفي خصوصياته، وجمع بين بعضها البعض لأمكنه إدراك عدم إمكان تحملها لذلك المعنى الفاسد.
ولأجل ذلك، نجد الذين في قلوبهم زيغ يحاولون انتهاز الفرصة للتشبث بهذا النوع من الآيات ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وعطف اتجاهه، ليلائم أهواءهم، ومن أجل الطعن في القرآن والاسلام، ولو ردوه إلى