الرابعة: قتال كل من وقف في سبيل الاسلام، من الوثنيين والمشركين، وغيرهم، وهو ما استقر عليه أمر الدعوة وحكم الجهاد (1).
المرحلة السرية:
ولكننا لا نوافق على استعمال مصطلح (الفترة السرية) هنا إذ أن الظاهر هو أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن حينما بعث مأمورا بدعوة عموم الناس كما قدمنا، ولكنه كان يعرض هذا الدين بصورة طوعية وعفوية، وبدون أن يوجه الانظار إلى ذلك. فكان هناك أفراد يسلمون تباعا.
وقد كان هذا الأسلوب في تلك الفترة ضروريا من أجل الحفاظ على مستقبل الدعوة، حتى لا تتعرض لعمل مسلح يقضي عليها في مهدها، حيث لابد من إيجاد ثلة من المؤمنين، ومن مختلف القبائل يحملون هذه العقيدة ويدافعون عنها، حتى لا يبقى مجال لتصفيتهم السريعة والحاسمة من قبل أعدائهم الأشرار.
كما أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن لا تهدر الطاقات، وتذهب الجهود سدى، وينتهي الامر إلى تمزق، وتوزع في الثلة المؤمنة، ثم إلى ضياع مدمر.
وأيضا، فقد كانت هذه الفترة بمثابة إعداد نفسي، وتربية عقيدية وروحية لتلك الصفوة المؤمنة بربها، وبرسالة نبيه الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، تمكنهم من الصمود في وجه التحديات التي تنتظرهم.
وإذا كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد: أن يقود عملية تغيير شاملة، فلا بد له من إتاحة الفرصة لتهيئة وإعداد القوى، التي تستطيع أن تحقق هدفا كبيرا كهذا، وتتمكن من الحفاظ والاحتفاظ بالوجود الفعال