لماذا الكذب والافتعال إذن؟!
وبعد كل ما تقدم، فإننا نرى أن افتعال تلك الأكاذيب يعود لأسباب، أهمها:
1 - إن حديث الوحي هو من أهم الأمور التي يعتمد عليها الاعتقاد بحقائق الدين وتعاليمه. وله أهمية قصوى في اقناع الانسان بضرورة الاعتماد في التشريع، والسلوك، والاعتقاد، والاخبارات الغيبية، وكل المعارف والمفاهيم عن الكون، وعن الحياة، على الرسل والأنبياء، والأئمة والأوصياء، وله أهمية كبرى في اقناعه بعصمة ذلك الرسول، وصحة كل مواقفه وسلوكه، وأقواله وافعاله.
فإذا أمكن أن يتطرق الشك في نفسه إلى الوحي، على اعتبار أنه إذا لم يستطع النبي (ص) نفسه أن يفرق بين الملاك والشيطان، والوسوسة، والحقيقة، وهو يعاين ويشاهد، فان غيره وهو لا يتيسر له الاطلاع الحسي على شئ من ذلك يكون أولى بالشك، وعدم الاعتماد.
وقد نقل الحجة البلاغي ان بعض أهل الكتاب قد نقض على المسلمين بذلك فقال: (الشيطان قرين محمد، وتشبث بنقله عن بعض المفسرين قولهم: إنه كان لرسول الله عدو من شياطين الجن، كان يأتيه بصورة جبرئيل. وانه يسمى الأبيض (1)).
وبعد هذا، فإننا نستطيع أن نعرف سر محاولات أعداء الاسلام الدائبة للتشكيك في اتصال نبينا الأعظم (ص) بالله تعالى، فافتعلوا الكثير مما رأوه مناسبا لذلك، من الوقائع والاحداث التي رافقت الوحي في مراحله الأولى، أو حرفوه وحوروه حسب أهوائهم، وخططهم، ومذاهبهم،