به. وقد رواه ابن جرير من طريق كثير بن زاذان (1) وليس بمعروف، وعن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال قال لي جبريل يا محمد لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة الله يغفر له ". يعني فرعون. وقد أرسله غير واحد من السلف كإبراهيم التيمي، وقتادة، وميمون بن مهران، ويقال: إن الضحاك بن قيس خطب به الناس. وفي بعض الروايات: إن جبريل قال: ما بغضت أحدا بغضي لفرعون حين قال: أنا ربكم الاعلى ولقد جعلت أدس في فيه الطين حين قال ما قال. وقوله تعالى (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) استفهام إنكار ونص على عدم قبوله تعالى منه ذلك لأنه - والله أعلم: لو رد إلى الدنيا كما كان لعاد إلى ما كان عليه، كما أخبر تعالى عن الكفار إذا عاينوا النار وشاهدوها أنهم يقولون (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) [الانعام: 27] قال الله (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) [الانعام: 28] وقوله (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلقك آية) [يونس: 92] قال ابن عباس وغير واحد:
شك بعض بني إسرائيل في موت فرعون حتى قال بعضهم: إنه لا يموت، فأمر الله البحر فرفعه على مرتفع. قيل على وجه الماء وقيل على نجوة من الأرض وعليه درعه التي يعرفونها من ملابسه ليتحققوا بذلك هلاكه ويعلموا قدرة الله عليه. ولهذا قال (فاليوم ننجيك ببدنك) أي مصاحبا درعك المعروفة بك (لتكون) أي أنت آية (لمن خلفك) أي من بني إسرائيل (2) دليلا على قدرة الله الذي أهلكه. ولهذا قرأ بعض السلف لتكون لمن خلقك آية. ويحتمل أن يكون المارد ننجيك مصاحبا لتكون درعك علامة لمن وراءك من بني إسرائيل على معرفتك وإنك هلكت والله أعلم.
وقد كان هلاكه وجنوده في يوم عاشوراء، كما قال الامام البخاري في صحيحه: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء. فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنتم أحق بموسى منهم فصوموا " وأصل هذا الحديث في الصحيحين (3) وغيرهما. والله أعلم.