تنبيه هام وضروري:
إن كل ما ذكرناه آنفا لا يعني: أن ظهور الاسلام، وانتشاره في الجزيرة العربية قد كان أمرا طبيعيا، بحيث إنه لو توفرت هذه العوامل لأي دعوة أخرى، فإنها تستطيع أن تحقق نفس النتائج التي حققها الاسلام.
بل الامر على العكس من ذلك تماما، فان ظهور الاسلام، وانتصاره في هذه المنطقة هو بذاته معجزة له، ودليل على حقانية الاسلام، وذلك لان اليهودية قد كانت موجودة، وكانت هذه الظروف أيضا موجودة، ولكنها لم تستطع أن تؤثر أثرا يذكر في عقلية العربي، ولا في سلوكه، وتصرفاته (1).
وكذلك الحال بالنسبة للنصرانية، التي كانت تهتم في تنصير كل من تقدر على تنصيره. ثم هناك الزرادشتية وغيرها من الأديان.
وهذا معناه: أن لنفس المبدأ، والرسالة، والقائد دورا هاما جدا، بل والدور الأول والأساس في عملية التغيير وفي النجاح وفي استمراره.
وبدون ذلك، فان كل نجاح - لو كان - فلسوف يكون محدودا جدا، ولظروف معينة، ولسوف ينتهي بمجرد انتهاء تلك الظروف.
وقد رأينا الاسلام رغم ما عاناه من مصائب وبلايا حتى على أيدي أبنائه - كان ولا يزال يزداد قوة وفعالية على مر الزمن، وفي مختلف الظروف والأحوال، ولم يؤثر فقدان تلك الظروف والعوامل، ولا تحولها وتقلبها لا في الاسلام، ولا في فعاليته، إن لم نقل: إنه قد زاد في ذلك بشكل ظاهر.
والذي يفسر لنا هذه الظاهرة، هو ما ذكرناه آنفا من أن الاسلام يستطيع أن يستوعب طاقات الانسان، ويحولها ويطورها في مصلحة