وهذا ما يؤكد واقعية الاسلام، وأنه إنما ينظر إلى عمل يدي الصياد لا إلى دموع عينيه، وأنه لا يغتر بالمظاهر، ولا تخدعه الشعارات مهما كانت براقة، إذا كانت تخفى وراءها الوصولية، والخيانة والتآمر، فالحق حق، ومقبول، ولا بد من الالتزام به، والتعامل على أساسه، ولو صدر من مشرك، والباطل باطل ومرفوض، ولا يجوز الالتزام به، ولا التعامل على أساسه، مهما كانت الشعارات براقة ومغرية.
ولهذا نفسه نجد أمير المؤمنين أيضا يرفض خدعة رفع المصاحف على الرماح في صفين ويحذر منها. ولقد كان هو المصيب في رفضه.
وغيره، ممن كان يتظاهر بالتقى والعبادة كان هو المخطئ.
وفقنا الله للسير على هدى أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وتأثر خطاه، والعمل بمنهاجه، الذي هو نهج الايمان والاسلام، إنه ولي قدير.
4 - إن اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والأئمة (عليهم السلام) بحلف الفضول إنما يدل على أن الاسلام ليس منغلقا على نفسه، وإنما هو يستجيب لكل عمل إيجابي فيه خير الانسان، ويشارك فيه على أعلى المستويات، انطلاقا من الشعور بالمسؤولية، وانسجاما مع أهدافه العليا، ومع المقتضيات الفطرية، واحكام العقل السليم.
5 - أما استجابة الذين استجابوا للزبير بن عبد المطلب حينما دعا لعقد هذا الحلف، فلعل لهم دوافع مختلفة باختلاف الاشخاص، والبيوتات، والقبائل، ونذكر من هذه الدوافع:
ألف: الدافع الفطري الانساني، لان هذا هو ما تحكم به الفطرة، والعقل السليم، ثم هو ينسجم مع الشعور الانساني، والأخلاقي.
ب: الدافع المصلحي، وذلك لأن عدم الامن في مكة لسوف يقلل من رغبة التجار في الوفود عليها، والتعامل مع أهلها.