ولعل هذا يعكس بوضوح الفرق بين الاتجاهين، ونوعية التفكير، ومستوى الوعي، والنظرة للحياة لدى كل من الفريقين.
ولا نبالغ إذا قلنا: إن من الممكن أن نفهم من مراجعة كتب التاريخ والأنساب: أن بني عبد مناف، ولا سيما آل أبي طالب كانوا هم رجالات الاسلام، والهداة إلى الحق، والمجاهدين في سبيل الدين.
بينما نجد بني عبد الدار، والمتحالفين معهم أقل تحمسا للدين، وتضحية في سبيله، بل ويكثر فيهم المناؤون له، والحاقدون عليه.
2 - إن اشتراط قريش: أن تكون نفقة الكعبة طيبة، لا ربا فيها، ولا مظلمة لاحد الخ.. إن دل على شئ فإنما يدل ولا شك على شعور حقيقي بقبح هذه الأمور، وعدم رضا الله والوجدان بها.
وقد يفسر ذلك أيضا باقتضاء الفطرة لذلك، وحكم العقل بقبحه.
ونحن،، وإن كنا نعترف بان ذلك كذلك. بل إن كل احكام الدين موافقة للفطرة، ولاحكام العقل، إلا أننا لا بد وأن نضيف هنا: أنه يدل أيضا على بقاء شئ من تعاليم الحنيفية فيهم، خصوصا عند قريش، وبني عبد مناف، ولذلك يلاحظ كثرة الإشارات إلى دين إبراهيم، وما يدل على ايمانهم بالله في كلمات عبد المطلب، وأبي طالب (عليهم السلام) كثير.
وما الخطبة التي ألقاها أبو طالب حينما طلب يد خديجة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنا ببعيدة.
3 - إن ما تقدم يدل على أن أهل مكة كانوا يتعاملون بالمنطق القبلي حتى في تعاونهم على بناء البيت، وحمل الحجارة له، وهو أقدس مقدساتهم، ورمز عزهم ومجدهم وكرامتهم. بل وعليه تقوم حياتهم. وإن تحالف لعقة الدم حين الاختصام فيمن يرفع الحجر إلى موضعه، ليعتبر الذروة في هذا الامر، الذي يمجه الذوق، وتنبو عنه الفطرة، ويرفضه العقل السليم.