الخاصة، في الحجاز، والعراق، وفي الشام، أبشع استغلال، ولا سيما بالنسبة لأهل الشام، الذين ما كان يمكنهم! إدراك واقع ما يجري وما يحدث إلا عن طريق الجهاز الأموي نفسه.
يضاف إلى ذلك كله: أنه قد كان في عهد الخلفاء قبل علي (عليه السلام)، ولأهداف سياسية معينة، ثمة حصار مضروب على كبار الصحابة، فلم تتح لهم الفرصة ليتفرقوا في البلاد، وينشروا تعاليم النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) على حقيقتها. بل حصروهم في المدينة مدة طويلة. ومن استطاع منهم الافلات منها قليل، ومن كان يصر على الجهر بالحقيقة، فإنه يتعرض لمختلف أنواع القهر والاضطهاد، كما كان الحال بالنسبة لأبي ذر (رحمه الله) (1).
وهكذا.. فإن الصحابة لم يتمكنوا من الجهر بما تجيش، أو بكل ما تجيش به صدورهم، حتى أشرف هذا الجيل على الفناء والزوال، مما كان من شأنه أن يفسح المجال أمام الجهاز الحاكم لكل افتراء ضد أهل البيت (عليهم السلام)، وضد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، ثم ضد الاسلام بشكل عام.
وخلاصة الامر: إن قتل الحسين (عليه السلام) في زمن معاوية ليس فقط لا يجدي ولا ينفع، وإنما يكون فيه قضاء تام على الأمل الوحيد للدين، والأمة، وللحق. وفي هذا خيانة حقيقية ظاهرة لكل ذلك، بمقدار ما كان استشهاد الحسين (عليه السلام) بعد ذلك وفاء للدين، وللأمة وللحق، عندما لم يعد انحراف الحكم ولا دينيته، بل وعداؤه للدين خافيا على أحد، ولم يكن بعد للدهاء والمكر، وللسياسات المنحرفة: أن تتستر عليه، ولا أن تقلل من وضوحه. وأصبح السكوت عليه في تلك الظروف