الحقيقة تنتهي إلى مسألة خاصة، محدودة الزمان والمكان، والاشخاص، كما سوف تفسرها أبواق الدعاية الأموية المغرضة.
أما في قضية كربلاء، فقد كان واضحا لدى كل أحد حقيقة أهداف الثورة. وقد أوضحها الإمام الحسين (عليه السلام) أكثر من مرة، ولم يبق مجالا للشك في أنها ذات أهداف اسلامية جامعة، بعيدة كل البعد عن المكاسب الشخصية والنفعية المحدودة.
فلماذا السكوت؟، وربما السرور من بعضهم بالمصير الذي لاقاه الإمام الحسين (عليه السلام) هنا؟ ثم هم يهبون لنصرته، والقيام دونه، أو على الأقل يظهرون استعدادهم لذلك هناك؟! مع أن الاهداف إن لم تكن في المآل واحدة، فإنها في قضية كربلا أهم وأكثر مساسا بهم وبدينهم وكرامتهم.. فهل كانوا يهدفون إلى إضعاف عدوهم الأقوى أولا؟! أم أنهم أمنوا معاوية، وخافوا يزيد الخمور؟ ربما يكون ذلك، وربما لان حلف الفضول كان جاهليا، وهم إلى الجاهلية في حقها وفي باطلها أقرب منهم إلى الاسلام، حتى حينما تكون القضية مصيرية، وحتى ولو كانت مصيرية بالنسبة للأمة بأسرها، وبالنسبة للدين نفسه.
ولو أنهم التفتوا إلى أن حلف الفضول قد أمضاه الاسلام، وصار اسلاميا فلربما يكون لهم حينئذ موقف آخر.
إن ذلك لعجيب حقا! وأي عجيب!!.
3 - إن موقف الحسين هذا، وكذلك إمضاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا الحلف في كلامه المتقدم، ليدل على أن الاسلام قد أمضى هذا الحلف، لأنه قائم على أساس الحق والعدل والخير. وهل الاسلام إلا ذلك؟ - إنه يمضيه - مع أن الذين قاموا به كانوا وقتها على الشرك والكفر. ولكنه يهدم مسجد الضرار، مع أن الذين بنوه كانوا يتظاهرون بالاسلام، ويتعاملون على أساسه، بحسب الظاهر.